للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعلى الرغم من هذه المحاولات وغيرها، فإنّ مصادر الإسلام وبراهين أدلّته ودعائم شريعته نقيّة بيضاء، قيّض الله لها كلّ عوامل الحفظ، وضمن لها كلّ دوافع البقاء والاستمرار، وصانها من كل جوانب التحريف والتغيير. ولم يُرد الحق -سبحانه وتعالى- لأيّ دِين أو مذهب أو حضارة هيمنةً عليها أو احتواءً لها.

هذا الكلام لا تُمليه العواطف، وإنما يُثبته البحث العلمي المنصف. وقد أقرّ بثبات مصادر الإسلام وسلامتها من التحريف والتغيير إجماعُ علماء المسلمين في كلّ العصور، وكذلك العلماء المُنصفون من غير المسلمين، الذين اعترفوا بتلك الحقيقة، وتبيّن لهم الفرْق الكبير والبوْن الشاسع بين ما عليه الإسلام من قواعد وأسُس سليمة ومحفوظة ومصونةٍ بقدرة الله، ثم بجهود العلماء من سلَف الأمّة وخلَفها، وبين أديان تهاوتْ قواعدُها، واضطربت مصادرُها، وأهملها أصحابُها، وعفا عليها الزمن، وطوتْها سحائب النسيان، وغدتْ في هامش الشعور لأتباعها.

أمّا الإسلام، فهو -ولله الحمد- ما يزال في بؤرة شعور الأمّة وهو محطّ اهتمامها، وإنّ مصادره من القرآن الكريم والسّنة النبوية الشريفة، وسائر المصادر الأخرى، هي في عقلها وقلبها، ومحلّ عناية العلماء والمجتهدين في كل عصر ومصر. وإن بدتْ في هذه الأيام بعض أمارات ضعف المسلمين، وهوانهم على أعدائهم، وتخاذلهم في الدّفاع عن دينهم ومقدّساتهم، وإن ظهرت بعض الأصوات النشاز من بعض أبناء المسلمين عرب اللسان أعاجم العقل والفكر، ينالون من هذه المصادر، ويتهجّمون عليها، ويجعلون من أنفسهم أبواقاً مضلّلة للحضارة الغربية وثقافتها، فإن هذه الأمور عرض زائل، وظلمة ليل ستنقشع،

<<  <   >  >>