يُعدُّ من العُلوم الوَثيقة الصِّلة بعِلْم الدَّعوة؛ فلَقد خَلق الله بني آدم مُتفاوتين في الفَهم والذَّكاء، مُختلِفين في اللّغات واللهجات، متمايزين في الإدراك، قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ}(الروم:٢١، ٢٢).
وهذا الاختلاف يَستلزم تَنوّع طُرق الإقناع العَقليّ والتأثير القَلبيّ؛ لذا وَضع علماء المسلمين قواعِد البَحث والمُناظرة، وآداب المُحاورة والمُجادلة، وقعّدوا لها الأسُس والضَّوابِط، وأنشؤوا هذا العِلم حيث تَضمَّن الآداب التي يَنبغي أن يَلتزم بها المُتجادلون، وبيَّنوا من خِلاله الجَدل المَحمود والجدل المذموم.
والدّعاة إلى الله في حاجة ضرورية للوقوف على قواعد هذا العلْم، لأنهم قد يتعرّضون من خِلال دَعْوتهم لبعض القضايا، ويُواجِهون بعض المُتناظرين ذوي التَّيارات العَلمانية والنَّزعات الإلحادية. وقد يُسْتَدْرَجون لموضوعات شائِكة، يَصطادُهم فيها شياطينُ الإنس. فإن لم يَكن الدَّاعية على دِراسة كافية ووعْي تام، فسوف تَهتزّ صورته أمام الحاضرين، ويَفقد مِصداقِيّته ولو كان على حق.
رابعاً: علوم النَّفس، والاجتماع، والتربية:
توصّل العُلماء إلى غَرائز النّفس ودوافعها وتقسيماتها، وأنشؤوا علْم الاجتماع وأصول العِمران. وكان رائدُ هذا العلْم ومؤسّسه: العالِم المسلم عبد الرحمن بن