وكل موضع يذمّ فيه الكفّار، يكون بسبب الجهل وفقدان العقل الراشد والفكر السديد، قال تعالى:{وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ}(البقرة:١٧١).
ولقد أطلق القرآن الكريم أسماءً كثيرة على العقل، ممّا يدلّ على شرف المسمَّى ومكانته؛ ومن ذلك ما يلي:
أ- الفؤاد: وهو الذي تستقرّ فيه العلوم والمعارف الثابتة والعقائد الراسخة، مقترنة بشحنة من العواطف. قال تعالى:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}(الإسراء:٣٦).
ب- اللُب: وهو الدائرة الواقعة في عمق مركز التفكير، وهو مركز استقرار المعرفة العلْمية، ومركز التّذكّر والاعتبار والاتّعاظ، وعنه تصدر النتائج الفكرية إلى الفؤاد والقلب والصدر، لتحريك العواطف. قال تعالى:{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الْأَلْبَابِ}(البقرة:٢٦٩).
ولقد وصف الله -سبحانه وتعالى- المتّقين من عباده الذين يتفكّرون في خلْق السماوات والأرض، ويشاهدون عظَمة الخالق لهذا الكون، ويعلمون مدى حاجة البشر إلى شرع الله الحكيم، بأنهم:"أولو الألباب"؛ قال تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}(آل عمران:١٩٠، ١٩١).
كما يُطلق على العقلاء بأنهم "أولو النُّهَى"؛ قال تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لأُولِي النُّهَى}(طه:٥٤)، وأنهم "ذوو حِجْر"، أي: عقل وفهم وإدراك؛ قال تعالى:{هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ}(الفجر:٥).