وكغلوّ بعض المتصوِّفين في الأولياء، حتى إن البعض يُنزلونهم منزلةً تتصادم مع العقيدة الإسلامية.
فالإغراق في التّشدّد والمبالغة في التّطرّف يؤدِّيان إلى عواقب لا تُحمد عقباها.
ولهذا كان حرْص الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يُبعد أمّته عن أي طريق يؤدِّي بها إلى متاهات الغلوّ. فعن عمر -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تُطروني كما أطْرت النّصارى عيسى بن مريم؛ فإنّما أنا عبد الله، فقولوا:"عبْد الله ورسوله"))، مسند الإمام أحمد.
وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك، أن رجلاً قال: يا محمد. يا سيِّدَنا وابن سيِّدِنا، وخيرنا وابن خيرنا. فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((أيها الناس. عليكم بقوْلكم! ولا يستهْوِيَنَّكم الشيطان. أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله. واللهِ! ما أحبّ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله -عز وجل-))، ابن كثير.
ولقد كانت الرحمة واللِّين واليسر من مفاتيح القلوب لأصحابه -رضوان الله عليهم-، وسرُّ اجتماعهم عليه والتفافهم حوله. قال تعالى:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}(آل عمران:١٥٩).
ثانياً: إنّ التكاليف التي شرعها الله لعباده لا تتجاوز حدود الطاقة البشرية، وإنما هي وفْق طاقة الإنسان وقدراته؛ قال تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لأَنْفُسِكُمْ}(التغابن:١٦).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أمَرْتُكم بأمْر فأْتُوا منه ما استطعتم. وما نهَيْتُكم عنه فانتهوا))، رواه البخاري.