للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فذكرت الآية إرسالاً يُقِرّ النَّوعيْن، وعَطَفت النَّبيّ على الرَّسول، والعَطْف يَقتضي المُغايرة. ويُستَدلّ على الفَرْق بين النَّبيّ والرَّسول (ما أخرجه الحاكم عن أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- قال: قُلت: يا رسول الله. كم الأنبياء؟ قال: ((مائة ألْف وأربعةٌ وعشرون ألْفاً)). قال: قُلت: يا رسول الله. كم الرُّسُل من ذلك؟ قال: ((ثلاثمائة وثلاثة عشر. جمٌ غَفير كَثير طيِّب)).

فلقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عدد الأنبياء والمرسلين، ومن ثَمَّ اتّجه أهل السُّنّة والجَماعة إلى التَّفرقة بين النَّبي والرَّسول في الأمور التالية:

أولاً: النَّبيّ: مَن أُوحيَ إليه بشَرْع يَعمل به واختُصّ به. والرَّسول فقط هو: مَن أوحِي إليه بشَرْع يَعمل به ويُبلِّغه، ولم يَختَص بشيء منه. فإن اختصَّ بالبَعض وبلَّغ البَعض فهو نَبيّ ورَسول، كرسول الله محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-.

ثانياً: النّبيّ: هو الذي يُنبِئه الله، وهو يُنبِئ بما أنبأه الله به. فإن أُرسِل مع ذَلك إلى مَن خالَفه ليُبلِّغه رسالة من الله، فهو رَسول.

ثالثاً: النَّبيّ يكون مقرِّرِاً لمَن سَبق تَبليغُهم، أمّا الرَّسول فهو مُبلِّغ للأحكام.

رابعاً: الرَّسول يكون مَعه كتاب، بخِلاف النَّبيّ فإنه قد لا يَكون معه كتاب أحياناً، كهارون مع موسى، وإسماعيل وإسحاق ويعقوب من إبراهيم.

خامساً: أن الرَّسول من الأنبياء هو: مَن جَمع إلى المُعجزة الكتاب المنزّل عليه. والنَّبي غير الرَّسول هو: مَن لم ينزّل عليه كتاب، وإنما يَدعو الناس إلى شَريعة مَن قَبْله.

سادساً: أنّ كلمة "النَّبيّ" إذا ما أطلِقت فإنها تَنصَرف على مَن بعَثَه الله من البَشر. أمّا كلمة "رَسول" فتُطلَق على ما يلي:

<<  <   >  >>