ولقد تَعدّد أطراف التَّقاتُل والتَّنازُع عَبر تاريخ البشرية على النحو الموضَّح في العناصر الآتية:
العنصر الأول: أطراف التَّصّارُع والتَّنازُع في هذا الكون:
أولاً: الصِّراع بين الشيطان والإنسان:
لقد كان خَلْق الله لآدم -عليه السلام- في أحسن تَقويم، وأمْره سبحانه وتعالى الملائكة بالسُّجود له -سُجود تَحية وتَكريم-، ثم إسكانه وزَوجه الجنّة، واستخلافه في الأرض بعد ذلك، هو الشَّرارة الأولى التي أشعلت نيران الحِقد الأسود والغِلّ الدَّفين في قلب إبليس اللّعين، حيث اعترض على خَلق آدم، وامتنع عن أمْر السجود له، لاعتقاده الخاطِئ أنه في مَنزلة أعلى منه خَلْقاً، وأفضل عُنصراً. ولقد ذَكَر القرآن الكريم هذا في قوله تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}(الأعراف:١١، ١٢).
ثم أردف ذلك بالتَّهديد والوَعيد مُعلِناً ذلك في جُرأة ووَقاحة. وقد أخبر القرآن الكريم عن ذلك في قوله تعالى:{قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً}(الإسراء:٦٢)، أي: لأستَوليَنّ عَليها ولأحتوينّها ولأضِلّنّها.
وقد كَشف القرآن الكريم خُطَّته لاحتواء الإنسان وغِوايته، قال تعالى:{قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}(الأعراف:١٦، ١٧).