للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولحِكمة يَعْلمها الله -سبحانه وتعالى-، استجاب لِطَلب إبليس بتَمكِينه ممَّن ضَعُف الإيمان في قُلوبِهم، قال تعالى: {قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُوراً * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً} (الإسراء:٦٣،٦٤).

ولقد بيّن الحقّ -سبحانه وتعالى- أنه عَصم أولياءَه المُتّقين من مَكْره، وحَفِظ عباده المُؤمنين من سَيْطرته ووَسْوسته إليهم، قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً} (الإسراء:٦٥).

وهكذا انحَصر مَكر إبليس في مَن ضَعُف إيمانُهم، ووَهنت عَقيدتُهم. ولقد حذَّر الله آدم -عليه السلام- وزَوجَه ممّا أضمَره لهما الشيطان، وبيّن لهما عاقِبة الانصياع لوساوسِه والوقوع في حبائل إغوائه. وكان أمر الله لآدم وزَوجه بعَدم الاقتراب من الشَّجرة والأكل منها واضحاً، وأبان لهما في جَلاء تام مَغبَّة مُخالَفة أمره سبحانه، قال تعالى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} (البقرة:٣٥).

ولأمور قدَّرها الله، ولِحِكمةٍ لا تُدرك العُقول كُنْهَها، مُكِّن للشيطان في أن يَتسلَّل إلى الجَنة ويَلبَس ثوب النّاصِح الأمين لآدم وزَوجه، وأقسَم لهما على ما يُحقِّقه الأكل من الشجرة من الانتقال من البَشرية إلى المَلائكيّة، وتَحقّق الخُلود وعَدم الفَناء؛ فضعُفا أمام وسوَسته واستجابا لإغوائه، وأكلا من الشجرة المَنهيّ عنها، قال تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} (الأعراف:٢٠، ٢١).

<<  <   >  >>