وقد عاتَبهما الله على مُخالفة أمْره، بالنَّهي عن الاقتراب أو الأكل من الشجرة، قال تعالى:{وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ}(الأعراف:٢٢).
فاعترفا بتَقصيرهِما، وأقرّا بخَطئهما، وطَلبا من الله المَغفرة والرَّحمة، قال تعالى:{قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(الأعراف:٢٣).
لقد استوعب آدم وزَوجه الدَّرس جَيداً، وأيقنا بالتَّجربة والواقع مَدى الحِقد الذي يُضمره الشيطان عليهما.
ثم أهبِط بثلاثتهم إلى الأرض، لتكون ساحة للصِّراع والنِّزال بين بني آدم وإبليس وحِزبه إلى يوم القيامة، قال تعالى:{قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}(الأعراف:٢٤).
وتوالى تَحذِير الله لبني آدم على ألسنة رُسُله، ومن خِلال كُتبه المُنزلة عَليهم من فِتن الشيطان ومكائِده. ونبّه -سبحانه وتعالى- على أنّ ما حلّ بأبيهم وأمّهم بسبب وساوسه، قال تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ}(الأعراف:٢٧).
هذا الحِقد الأسود والغِل الدَّفين الذي يَحمله الشيطان لبني آدم، لن تَنطَفئ ناره ولن يَخمد لَهيبه، بل هو مُستمرّ على مَدى تاريخ الإنسانية، وسيَظل هذا الصِّراع ما دام الإنسان يَحيا في هذا الكون.
وإنّ من رَحمة الله بعباده، وشَفقته عليهم ورأفته بهم، أنه لم يَدعْهم للشيطان يستحوذ عليهم ويَفتَرسهم، ولكن أرسَل الرُّسل، وأنزل الكُتب، وفَتح أبواب