للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التَّوبة والمَغفرة، وحصّن الإنسان بأنواع العِبادات، وصُنوف الطاعات والقُربات، التي تَحول بَينه وبين الشيطان.

واختَص الحق -تبارك وتعالى- أمّة الإسلام من بين الأمم لتتولّى مُنازَلة الشيطان وحِزبه، وذلك من خِِلال آيات الله وسُنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وبجِهود الدّعاة إلى الله الذين لا يَخلو منهم زمان ولا مكان، حتى يَرِث الله الأرض ومَن عليها.

وهذا ما يُؤكِّده قول الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران:١٠٤).

فالدّعوة إلى الله سُنَّة فِطريّة، وحاجة ضَروريّة للإنسانية، ما دام الشيطان وحِزبه يَعيثون في الأرض فساداً. ولنْ يُلجِم الشيطان عن إغوائه، ولنْ يُفسِد وساوسَه، إلاّ الدّعاة إلى الله، حينما يُخلِصون النِّية والعَمل، ويتسلّحون بالكتاب والسُّنّة، ولا يَكفُّون عن مُقاومة الشيطان وحِزبه، ولا يتوانَوْن عن كَشف أساليب مَكْره، ويَظلّون يُحذِّرون البَشر من كَيْده؛ وهذا أمر باقٍ ما دام الإنسان والشيطان، وما بَقيت السماوات والأرض.

ثانيا: الصِّراع بين الإنسان ونَفْسه:

لقد خَلَق الله الإنسان في أحسن تَقويم، وأسبَغ عَليه نِعمَه ظاهِرة وباطنة، وأودع بين جَوانب نَفسه وثنايا قلبه وجَسده أسرار الخَلق، وعَظمة التَّكوين، ودِقّة الإبداع، وآيات الإعجاز، ودَلائل القُدرة، قال تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} (الذاريات:٢١).

فالإنسان تَتكوّن هَيئتُة وحَقيقتُه من جَسد ونَفْس؛ فالجَسد عِبارة عن الهَيكل المَكسوّ لحماً وشَحماً، ودَماً وأجهزة وأعصاباً، وعُروقاً بعضها يُرى بالعَين المُجرّدة أو بوسائل العِلْم الحَديث، والبَعض ما زال العِلْم عاجزاً عن سَبر أغواره واكتشاف بعْض حَقائقه، ممّا يُنبئ عمّا يَحتويه الجِسم من أسرار تَدلُّ على قُدرة

<<  <   >  >>