إنّ الغَفلة عن ذِكر الله وعن يوم الحِساب وأهواله، يُولِّد تَبلُّداً في القَلب وصَدأً في النُّفوس وصُدوداً عن الطَّاعة، وإقبالاً على المَعصية، قال تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً}(الكهف:٥٧).
وإنّ من أسباب الغَفلة والنِّسيان: الإقبال على الدنيا بكلّ المَشاعِر والعَواطِف، والانغماس في أنواع الشَّهوات والمَلذَّات، والإعراض عن الآخرة؛ فلا يُفكّر الإنسان فيها إلاّ عَرضاً، قال تعالى:{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}(الأنعام:٤٤).
ولهذا حذَّر القُرآن الكريم من نِسيان الله وإغفال ذِكْره، لِما يَعقُب ذلك من نِسيان النَّفس وضياعها. وما انتشار الأمراض النَّفسية، وظُهور أعراض التَّوتّر العَصبيّ والقَلق القَلبيْ، وعَدم الاستقرار الاجتماعيّ، رَغم التَّقدم العِلْمي والتَّرف الدُّنيوي، إلاّ بسبب نِسيان الأمم والشُّعوب للخَالق سبحانه، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ}(الحشر:١٨ - ٢٠).
ولهذا كان ذِكْر الله عاصِماً للإنسان من المَعاصي، وصوناً له من الوقوع في حبائل الشيطان، قال تعالى مُبيِّناً صِفات المؤمنين ذوي العُقول السليمة والفِطْرة النَّقية:{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ... }(آل عمران:١٩١) الآية.