ولقد كان إرسال الرُّسل، وإنزال الكُتب، ووجود الدُّعاة إلى الله في كلّ زمان ومكان تذكيراً بالله واستِمراراً لصِلة العِباد به، لِتُفتح أبواب الطاعة وتُغلَق منافذ المَعصية.
٣ - الجَهل بالدين وعَدم العِلم بأحكام الشرع:
إن الجَهل بالدِّين وأحكامه وعَدم الوقوف على ما أمَر الله به وبما نَهى عنه، من أسباب الوقوع في المعاصي؛ فالجَهل ضِدّ العِلْم، وهو أحد أسباب انحراف الأمم عبر مَسيرة التاريخ البشري. وقد بيّن القرآن الكريم أنّ من أسباب انحراف قَوم لوط ونُزوعِهم لارتكاب فاحِشة إتيان الذُّكران، وعدم الوقوف على الأضرار الناجِمة عن ذلك هو: الجَهل، قال تعالى:{أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}(النمل:٥٥).
وحينما أعلن بنو إسرائيل لموسى عن رَغبتهم في اتخاذ آلهة كغَيرهم من الشعوب الأخرى، وصَفهم -عليه السلام- بالجَهل، قال تعالى:{قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}(الأعراف:١٣٨).
ولهذا أُطْلِقَ لفظ "الجاهِلية" على الأمم التي انحرفت عقائدها، وساءت أعمالها، سواءٌ كان هذا في التاريخ القديم أو المعاصر.
وقد أنكر القرآن الكريم على مَن يَعترض على حُكم الله وإقامة الحُدود الشرعية، بأنه جاهل، يُمثِّل الجاهِلية الوَثنيّة الكَافِرة، وإن اختَلفت صُوَرها وأساليبها في كلّ زَمان ومَكان، ومهما تدثَّرت بدِثار الحَضارة، أو تَقنّعت بقِناع التَّقدّم؛ قال