وتَدافع النفس ومُغالبتها للسيئات ولوم ذاتها عمّا فَعلت، قال تعالى:{لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}(القيامة:٢).
٣ - النَّفس الأمّارة بالسوء، وهي: النَّفس التي تَمكّن الشَّيطان مِنها، وغَلبتْها الشَّهوات على أمْرها، فوجَّهت حواسّ الإنسان وعَقله ومشاعِره نحو اقتراف السيئات، فأتمَرت بها وأطاعتها وانساقت إلى ما تُريد. هذه النفس الأمّارة بالسوء هي وراء الكَثير من كبائر الذنوب وصغائِرها، خِلال تاريخ البَّشرية. وقد ساق القُرآن الكريم بعضاً منها؛ ومن ذلك ما يلي:
١) كانت النفس الأمارة بالسوء وراء قَتل قَابيل لأخيه هَابيل، قال تعالى:{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}(المائدة:٣٠).
٢) وهي السبب في إقدام إخْوة يوسف على التَّخلّص منه. وشَعر يَعقوب -عليه السلام- بما سوَّلته لهم أنفسهم، وقد حكى القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى:{قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}(يوسف:١٨).
٣) وهي وراء مُراودة امرأة العزيز ليوسف -عليه السلام-، قال تعالى:{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ}(يوسف:٢٣).
وقد كانت النَّفس الأمارة بالسوء هي الدَّافِع لامرأة العَزيز لاستدعاء نِسوة المَدينة ورُؤيتهنّ ليوسف -عليه السلام-، لحَمْلِهنّ على الاعتذار لها والإقرار لها بتلك المُراودة، قال تعالى:{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}(يوسف:٣٠).
ولقد كان إقرار النِّسوة وإعجابهنّ من فَرط جَمالِه دافعاً قَوياً لنفس امرأة العَزيز للإصرار على ما تُريد، قال تعالى:{قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ}(يوسف:٣٢).