القرآن الكريم لفظ:{اللَّمَم}(النجم:٣٢) في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ}(النجم:٣٢)، فأمثال هؤلاء يُقبل منهم القيام بالأمر بالمَعْروف، لا سيما في الأشياء التي لا يرتكبونها.
قال سعيد بن جبير:"إنْ لم يأمُر بالمَعْروف ولم يَنْهَ عن المُنْكر إلاّ مَن لا يكون فيه شيء، لم يَأْمُرْ أحدٌ بشيء".
يقول الإمام أبو حامد الغزالي:"إنّ الحسبة تارة تكون بالنّهي بالوعظ، وتارة بالقهْر، ولا ينجع وعظُ من لا يتّعظ أولاً. ونحن نقول: مَن عَلِم أنّ قولَه لا يُقبل في الحسبة لِعلْم الناس بفِسْقه، فليس عليه الحسبة بالوعظ، إذ لا فائدة في وعْظه؛ فالفسْق يؤثِّر في إسقاط فائدة كلامه، ثم إذا سقطت فائدة كلامه سقط وجوب الكلام. أمّا إذا كان الحسبة بالمنع، فالمراد منه القهر، فلا حرج على الفاسق في إراقة الخمور وكسْر الملاهي وغيرها، إذا قدر على ذلك".
وما ذكَره الغزالي ينطبق على مَن كُلِّفوا من قِبل وليِّ الأمر بإزالة المُنْكرات الشرعية والمخالفات القانونية، بحكم وظائفهم فقط؛ فهم يقومون بالأمر بالمَعْروف والنّهي عن المُنْكر كعمل وظيفيّ، لا كرسالة تعبّديّة، ويأخذون لها راتباً مالياً نظير قيامهم بما كُلِّفوا به من الدولة، غير أنهم سيُحاسَبون أمام الله على تقصيرهم في عدم الالتزام السلوكي، كمن يحث الناس ويأمُرهم بالصلاة وقد يتكاسل عنها، أو كمن كُلِّف بجمع الزكاة وهو لا يدفع زكاة مالِه.
فهؤلاء وأمثالهم يُقبل منهم ما يقومون به من أعمال، بحسب الوظيفة لا بحسب رسالة الدّعوة إلى الإسلام، وطلب الثواب والأجر من الله -سبحانه وتعالى-.