رابعاً: العلْم والبصيرة بحقيقة الأمر بالمَعْروف والنّهي عن المُنْكر؛ فإنّ من القواعد والأركان التي يقوم عليها الأمر بالمَعْروف والنّهي عن المُنْكر: أن يكون القائمُ به عالِماً بالحُكم الشّرعي للمأمور به أو المنهيّ عنه، وهل هو للوجوب، أم للنّدب، أم للتحريم، أو للكراهة، أو التخيير؟
هذا بجانب الوقوف على الأدلة الشرعية من الكتاب والسُّنة التي تعضد الحُكم وتوضِّحه.
فإنّ مَن يأمر وينهى من غير علمٍ يكون ضررُه أكبر من نفعه، لأنه قد يأمر بما ليس مشروعاً، وينهى عمّا كان مشروعاً. فقد يُحِلُّ حراماً أو يحرّم حلالاً وهو لا يدري؛ ولذلك كان تأكيد الإسلام على طلب العلْم والتّفقّه في الدِّين أمراً معلوماً من الدِّين بالضرورة، قال تعالى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}(التوبة:١٢٢).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن يُردِ اللهُ به خيْراً يُفقِّهْهُ في الدِّين)).
وقال تعالى لرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأمَره أن يُخبر الأمّة بذلك، وأن تلتزم بها:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}(يوسف:١٠٨).
فالبصيرة تقوم على اليقين والبرهان العقليّ والشرعيّ.