وإن نزل بعض الدعاة ميدان الأمْر بالمَعْروف والنهي عن المُنْكر دون علْم يتحصّنون به وفِقْه بأوامر الشرع ونواهيه، قد يوقعهم في الضلال وينتج عن ذلك ظهور الفتن بين المسلمين، حيث تتضارب الفتوى، وتتنازع الآراء، وتتباين الأفعال، قال تعالى:{وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ}(الأنعام:١١٩).
وقال تعالى:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ}(القصص:٥٠).
قال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: "من عمِلَ في غير علمٍ، كان ما يُفسده أكثر ممّا يُصلحه".
يقول ابن تيمية -رحمه الله-: "ولا يكون العمل صالحاً إن لم يكن بعلْمٍ وفقه".
خامساً: أن يكون الداعي رفيقاً في أمْره ونهْيه، حليماً على مَن يخاطبهم؛ فإن اللّوم والتعنيف والتقريع يُخيف الناس منه ويَصرفهم عنه، قال تعالى مادحاً رسوله -صلى الله عليه وسلم- لاتّصافه بالسماحة ولين الجانب:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}(آل عمران:١٥٩).
وقد أمَر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالرّفق في كلّ الأمور، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنّ الرِّفقَ لا يكون في شيء إلاّ زانه، ولا كان العنف في شيء إلاّ شانَه))، أخرجه مسلم.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((إنّ الله رفيقٌ يُحبّ الرِّفقَ في الأمْر كلِّه، ويُعطي عليه ما لا يُعطي على العنف))، رواه البخاري.