وممّا يجب أن يتّصف به الآمر بالمَعْروف والناهي عن المُنْكر: أن يكون حليماً واسع الصدر، يعِظ في لطف، ويناقش في هدوء، ويتجادل بأدب، وفْق ما أمَر الله به في قوله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}(النحل:١٢٥).
ومع الرِّفق والحِلم، فإنه ينبغي لِمن يأمر بالمَعْروف ويَنهى عن المُنْكر أن يتحلّى بالصبر، لأن النفوس المريضة تضيق بالموعظة، وتنفر من الانصياع للأمر والنّهي. وقد ينزل الأذى بالداعي ويلحق به الضرر، ولا سيما حينما يواجِه الجبابرة من العصاة والطغاة؛ ولهذا أمر الله الرسُل -وهم أئمةُ الأمر بالمَعْروف والنهي عن المُنْكر- بالصبر، فقال تعالى على لسان لقمان لابنه:{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}(لقمان:١٧)، وخاطب الحق -تبارك وتعالى- الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأمَره بالصبر، كشأن أولي العزم من الرّسُل، فقال تعالى:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}(الأحقاف:٣٥).
قال بعض أئمة السلف:"لا يأمر بالمَعْروف وينهى عن المُنْكر إلاّ من كان فقيهاً فيما يأمُر به، فقيهاً فيما يَنهى عنه، رفيقاً فيما يأمر به، رفيقاً فيما ينهى عنه، حليماً فيما يأمر به، حليماً فيما ينهى عنه".
وقال سفيان الثوري:"لا يأمر بالمَعْروف ولا ينهى عن المُنْكر إلاّ مَن كان فيه خصال ثلاث: رفيقٌ بما يأمر رفيقٌ بما يَنهَى، عدلٌ بما يأمر عدلٌ بما ينهى، عالِمٌ بما يأمر عالِم بما ينهى".