سادساً: أن يكون مأذوناً من جهة وليّ الأمْر، أو مِن قِبَلِ مَن يقوم على أمْر الدّعوة وتنظيمها؛ إذ إنّ أساليب الدعوة إلى الله تنقسم إلى قسميْن:
القسم الأول:
يطالَب به المسلمون جميعاً، ويُؤجَرون على فعْله ويأثمون على ترْكه، وهو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن الجميع. وهو أحد المهام الرئيسة لضبط سلوك المسلم، ولبقاء الإسلام حياً في الضمائر، يقظاً في الأفئدة.
هذا القسم يشمل: التناصح بين المسلمين، والتّواصي فيما بينهم؛ قال تعالى:{والْعصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}(العصر:١ - ٣)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((الدِّينُ النّصيحة)) قلنا لِمَن؟ قال:((لله، ولِكتابه، ولِرسوله، ولأئمّة المسلمين وعامّتهم))، رواه المسلم.
فالنصيحة أمر يشترك فيه المسلمون جميعاً، يتنافسون عليه ويتسابقون إليه، ولا سيما فيما عُلِم من الدِّين بالضرورة ولا يحتاج النصح فيه إلى بذل جُهد أو إعمال فكْر وقدْح ذهن.
وهذا هو المراد من قول الله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}(آل عمران:١١٠). فالتعبير بلفظ المضارع:{تَأْمُرُونَ}، و {تَنْهَوْن}، و {تُؤْمِنُونَ} الذي يفيد الحال والاستقبال، هذا دليل على استمرارية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى يوم القيامة.