ابتدأ المصنف - رحمه الله - هذا المصنف القيم الذي لم يسبق إليه ببيان توحيد الإلهية؛ لأن أكثر الأمة ممن تأخر قد جهلوا هذا التوحيد، وأتوا بما ينافيه من الشرك والتنديد، فقرره كما ترى أحسن تقرير وأبينه، ثم ختم كتابه بتوحيد الأسماء والصفات؛ ليكون هذا الكتاب حاويا لأنواع التوحيد الثلاثة التي أشار إليها العلامة ابن القيم بقوله:
والعلم أقسام ثلاث ما لها ... من رابع والحق ذو تبيان
علم بأوصاف الإله وفعله ... وكذلك الأسماء للرحمن
والأمر والنهي الذي هو دينه ... وجزاؤه يوم المعاد الثاني
ولأن هذا العلم قد خاض فيه من ينتسب إليه ممن قد أخذ عن أهل الكلام وغيرهم، لظنهم أنهم على شيء، فقرروا مذهب الجهمية، وألحدوا في توحيد الأسماء والصفات، وخالفوا ما دلت عليه الآيات المحكمات، والنصوص الثابتة عن الثقات من غير التفات، فهدى الله هذا الإمام - قدس الله روحه - إلى معرفة التوحيد، فقرره ووضحه بالأدلة من الكتاب والسنة وكلام سلف الأمة، ولقد – والله - وضح التوحيد الذي أرسلت من أجله الرسل، وأنزلت الكتب، أحسن توضيح، وبينه أبين تبيين، وزيف الشرك، وحذر منه أبلغ تحذير، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين أحسن الجزاء، ورفع درجته في المهديين، ونظمنا في سلكهم أجمعين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.