وقول الله تعالى:{أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى}(٢) الآيات ١.
ــ
(١) أي وما يشبههما كبقعة ومغارة وزاوية وقبر ومشهد وموطئ وأثر ونحو ذلك. و (من) اسم شرط، والجواب محذوف تقديره: فقد أشرك بالله. ويحتمل أن (من) موصولة فيكون معناها باب بيان حكم من تبرك بالأشجار والأحجار ونحوها، وما يترتب عليه من الوعيد، وحكمه أنه مشرك الشرك الأكبر؛ لكونه تعلق على غير الله في حصول البركة من غيره، وإن كان الله جعل فيه بركة. والتبرك طلب البركة ورجاؤها واعتقادها، أو عائدة وأمل بركة تعود إليه من جهتها، من جلب نفع أو دفع ضر. وتبرك به تيمن وفاز منه بالبركة، واستبرك به تفاءل بالبركة، والبركة النماء والزيادة.
(٢) أي هل نفعت أو ضرت، يعني أنتم تعلمون أن ذلك ليس إليها، فلم تعبدونها وتجعلونها شركاء لله؟ وهذه الأوثان الثلاثة هي أعظم أوثان الجاهلية من أهل الحجاز، ولهذا نص عليها بأعيانها، وإلا ففي الحجاز أوثان غيرها، لكن خص هذه الثلاثة بالذكر؛ لأنها أكبر أصنام العرب إذ ذاك، فصارت الفتنة بها أشد. فأما اللات فقرئ بالتخفيف والتشديد، فعلى الأولى قالوا: هي صخرة بيضاء منقوشة، عليها بيت بالطائف، وعلى الثانية قال ابن عباس:" رجل كان يلت السويق للحاج، فمات فعكفوا على قبره ". ولا منافاة بين عبادتهم الصخرة أو قبره. وأما العزى فكانت شجرة سمر عليها بناء وأستار بنخلة الشامية المسماة بالمضيق بين مكة والطائف، كانت قريش تعظمها، كما قال أبو سفيان يوم أحد: لنا العزى إلخ. ولما فتح رسول =