وقول الله تعالى:{وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} ١ الآية (٢) .
ــ
(١) أي هذا باب بيان حكم من جحد شيئا من أسماء الله تعالى وصفاته، وأنه يكفر بذلك، ولما كان التوحيد لا يحصل إلا بالإيمان بالله وأسمائه وصفاته، نبه عليه المصنف -رحمه الله-، وتقدم أن أنواع التوحيد الثلاثة متلازمة، فمن أقر بربوبية الله تعالى وإلهيته وجحد أسماءه وصفاته أو شيئا منها فقد كفر.
(٢) سبب نزول الآية معلوم، ويأتي طرف منه، والمراد أن بعض كفار قريش يجحدون اسم الرحمن عنادا، فأنزل الله هذه الآية، وقال تعالى:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ٢. فالرحمن: اسمه وصفته، ودل هذا الاسم على أن الرحمة وصفه القائم به سبحانه، وهي من صفات الكمال. ومطابقة الآية للترجمة ظاهرة؛ لأن الله سمى جحود اسم من أسمائه كفرا، فدل على أن جحود شيء من أسمائه وصفاته كفر، فمن جحد شيئا من أسماء الله وصفاته من الفلاسفة والجهمية والمعتزلة ونحوهم، فله نصيب من الكفر، بقدر ما جحده من الاسم أو الصفة، وإن أقر بجنسها لكن زعم أنها أعلام محض، لا تدل على صفات قائمة به تعالى، فجحود معنى هذا الاسم ونحوه من الأسماء كجحود لفظه؛ فإن الجهمية يزعمون أنها لا تدل على صفة قائمة بالله تعالى، وتبعهم على ذلك طوائف من المعتزلة والأشاعرة وغيرهم، فلهذا كفرهم كثير من أهل السنة. قال ابن القيم:
ولقد تقلد كفرهم خمسون في ... عشر من العلماء في البلدان
فجحدوا ما وصف الله به نفسه، ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من صفات =