للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي صحيح البخاري قال علي: "حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله" (١) ؟

ــ

= كماله ونعوت جلاله، وبنوا هذا التعطيل على أصل فاسد أصلوه من عند أنفسهم، ولم يفهموا من صفات الله إلا ما فهموه من خصائص صفات المخلوقين، فشبهوا الله في ابتداء آرائهم الفاسدة بخلقه، ثم عطلوه من صفات كماله، وشبهوه بالناقصات والجمادات والمعدومات، فشبهوا أولا، وعطلوا ثانيا، وشبهوا ثالثة بكل ناقص أو معدوم، وتركوا ما دل عليه صريح الكتاب والسنة، وما عليه سلف الأمة من إثبات ما وصف الله به نفسه، ووصفه به رسوله، على ما يليق بجلال الله وعظمته، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، كما قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ١. وصنف أئمة السنة في الرد عليهم المصنفات الكثيرة المشهورة، كالإمام أحمد وطبقته، وشيخ الإسلام وطبقته، وخلق لا يحصون من أهل السنة والجماعة. وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ رَبِّي} أي قل يا محمد ردا عليهم في كفرهم بالرحمن: (هو) أي الرحمن عز وجل: {رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} أي لا معبود سواه: {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ} ٢ أي إليه مرجعي وتوبتي.

(١) أسنده البخاري. وفي لفظ: " أتحبون أن يكذب الله ورسوله ". زاد ابن أبي إياس في كتاب العلم له عن عبد الله بن داود عن معروف: ودعوا ما ينكرون، أي ما يشتبه عليهم فهمه، مما قد يؤدي إلى رد الحق وعدم قبوله، ويفضي بهم إلى التكذيب. وقال ابن مسعود: ((ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة)) . رواه مسلم. وكان معاوية ينهى عن القصص؛ لما فيه من التساهل في النقل، ويقول: لا يقص إلا أمير أو مأمور. وهذا الأثر قاله علي رضي الله عنه حين كثر القصاص في خلافته، وصاروا يذكرون أحاديث لا تعرف من هذا =


١ سورة الشورى آية: ١١.
٢ سورة الرعد آية: ٣٠.

<<  <   >  >>