باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله (١)
روى مالك في الموطأ (٢) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يُعبد (٣) ،
ــ
(١) أي ذكر ما ورد من الدليل والبرهان أن الغلو- وهو مجاوزة الحد- في قبور الأنبياء والصالحين بالبناء عليها، واتخاذ المساجد عليها، والصلاة عندها، والذبح والنذر وغير ذلك من أنواع الغلو يجعلها أوثانا؛ لأنه يورث التأله والعبادة شيئا فشيئا، والوثن يعم الأصنام وغيرها مما يعبد من دون الله، كما عبدت اللات والعزى ومناة وغيرها.
(٢) أي روى مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، إمام دار الهجرة، أحد الأئمة الأربعة، وأحد الحفاظ. قال أحمد:((مالك أثبت في كل شيء)) . وقال البخاري:((أصح الأسانيد كلها مالك عن نافع عن ابن عمر)) . وروى عن جماعة من التابعين، نافع وغيره، وعنه الشافعي والأوزاعي وخلق، ولد سنة ٩٣ هـ، ومات سنة ١٧٩ هـ.
روى هذا الحديث عن زيد بن أسلم عن عطاء مرسلا، ومرسله ثقة. ورواه البزار عن زيد عن عطاء عن أبي سعيد مرفوعا، وسنده من تقبل زيادته، وله شاهد عند أحمد من حديث أبي هريرة، والموطأ اشتهر في عصره حتى قال الشافعي:((ما تحت أديم السماء كتاب أكثر صوابا بعد كتاب الله من موطأ مالك)) . وهو كما قال؛ فإن حديثه أصح من حديث نظرائه.
(٣) خاف صلى الله عليه وسلم أن يقع في أمته ذلك، كما وقع من اليهود والنصارى في قبور أنبيائهم، فرغب إلى ربه أن لا يجعل قبره وثنا يعبد، وقد استجاب =