للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول (١)

وقول الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} ١ الآية (٢) .

ــ

(١) أي باب بيان حكم من هزل بشيء فيه ذكر الله عز وجل أو القرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم، يعني فقد كفر لاستخفافه بالربوبية والرسالة، وذلك مناف للتوحيد، وكفر بالإجماع، ولو لم يقصد حقيقة الاستهزاء، والهزل المزح، والهذي ضد الجد، وهو أن لا يراد باللفظ ظاهره ومعناه، بل يراد به غير ذلك لمناسبة تقتضيه.

(٢) أي ولئن سألت يا محمد هؤلاء المنافقين الذين تكلموا بكلمة الكفر استهزاء، ليقولن معترفين ومعتذرين: {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} ٢ أي لم نقصد الاستهزاء والتكذيب، وإنما قصدوا الخوض في الحديث واللعب، وخاض في الحديث أفاض فيه، وفي الباطل دخل فيه. واللعب ضد الجد مزح، وفي الأمر استخف به وفعل فعلا يقصد به اللذة والتنزه، فأخبرهم الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن عذرهم هذا لا يغني عنهم من الله شيئا، وأنهم كفروا بعد إيمانهم بهذه المقالة التي استهزءوا بها، ولم يعبأ باعتذارهم. قال شيخ الإسلام: وقول من يقول: إنهم كفروا بعد إيمانهم بلسانهم مع كفرهم أولا بقلوبهم لا يصح؛ لأن الإيمان باللسان مع كفر القلب قد قارنه الكفر، فلا يقال: {قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ٣؛ فإنهم لم يزالوا كافرين في نفس الأمر، وإن أريد أنكم أظهرتم الكفر بعد إظهاركم الإيمان فهم لم يظهروا للناس، إلا لخواصهم وهم مع خواصهم ما زالوا كذلك، ولم يدل اللفظ أنهم ما زالوا منافقين. وقوله: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ} ٤ أي مخشي =


١ سورة التوبة آية: ٦٥.
٢ سورة التوبة آية: ٦٥.
٣ سورة التوبة آية: ٦٦.
٤ سورة التوبة آية: ٦٦.

<<  <   >  >>