للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره (١)

وقول الله تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ ... } (٢)

ــ

(١) الاستغاثة طلب الغوث، وهو إزالة الشدة، كالإستنصار طلب النصرة، والاستعانة طلب العون، والغياث هو المغيث، وأكثر ما يقال غياث المستغيثين، أي مدرك عباده في الشدائد إذا دعوه، ومجيبهم ومخلصهم.

والفرق بين الاستغاثة والدعاء أن الاستغاثة لا تكون إلا من المكروب، وأما الدعاء فهو أعم منها؛ لأنه يكون من المكروب وغيره، فعطف الدعاء كل الاستغاثة من عطف العام على الخاص، فبينهما عموم وخصوص مطلق، فكل استغاثة دعاء، وليس كل دعاء استغاثة، والمراد بيان تحريم الاستغاثة بغير الله، أو دعاء غيره من الأموات والغائبين، وأنه من الشرك الأكبر.

(٢) نهى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو أحدا من سائر المخلوقين العاجزين عن إيصال النفع ودفع الضر، وأنه لا يجوز إلا ممن يملكه وهو الله وحده، وهذا النهي خرج مخرج الخصوص، والمراد به العموم، فهو عام لجميع الأمة.: {فَإِنْ فَعَلْتَ} ١ أي دعوت أحدا من دون الله: {فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ} ٢ أي من المشركين.

ولها نظائر، يخاطب تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك وهو مبرأ منه، لكنه أبلغ في الزجر والتحذير عن دعاء غير الله عز وجل، وفي الحديث: " الدعاء مخ العبادة " ٣. وفي لفظ: " هو العبادة ". صححه الترمذي وغيره، وأتى فيه النبي صلى الله عليه وسلم بضمير الفصل، والخبر المعرف بالألف واللام؛ ليدل على الحصر وأن العبادة ليست =


١ سورة يونس آية: ١٠٦.
٢ سورة يونس آية: ١٠٦.
٣ الترمذي: الدعوات (٣٣٧١) .

<<  <   >  >>