رجلاه حدث هذا المنظر واستعار المناسم التي هي أخفاف البعير لرجليه للدلالة على ألفه للحيوان وامتزاجه معه.
وإذا كان جل الصعاليك قد تحدثوا عن أثر الفقر والجوع في أجسادهم وما يحمله لهم من هزال الجسم ونحوله، فإن الشنفرى قد تعامل مع الجوع مباشرة واتخذ من ذلك متكأ للفخر بقوة نفسه وصدق عزيمته وطاقته العجيبة على الاحتمال الذي قلما نجده في مقدور رفاقه من الصعاليك، فيشخص لنا الجوع ويصوره بصورة محسوسة ثم يماطله الشنفرى ويراوغه وكأن له عليه دينا يريد أن يستوفيه, وقد تكون المماطلة لعجز عن الأداء، ولكن مماطلة الشنفرى هنا يقصد منها التيئيس حتى يفقد الأمل وهو ما عناه، بقوله: حتى أميته, فهو مصمم على قتل الجوع ومحوه من حياته، وقد يصاب الشنفرى بالذهول والإعياء من جراء تناسبه للجوع.
ومرة أخرى يحدثنا عن أثر الجوع على نفسه فيصور أمعاءه وقد خلت من الطعام وجفت من الماء حتى التصق بعضها ببعض يصورها بالخيوط المشدودة وقد التف بعضها على بعض في قوة وإحكام:
وأطوي على الخمص الحوايا كما انطوتْ ... خيوطَةُ ماري تغار وتفتلُ
والتعبير عن الخيوط بالفتل يدل على أن أمعاءه رفيعة وخالية تماما من الطعام والشراب, مما ينعكس على جسمه كله بالهزال والضمور. /٥٠