لعل أول ما يلفت نظر الباحث إلى هذه القصيدة أنها طويلة طولا لم يعهد في شعر الصعاليك؛ إذ من المعروف أن شعر الصعاليك عبارة عن مقطوعات إذا استثنينا قصيدة الشنفرى الأخرى القافية التي رواها له المفضل الضبي إذ يبلغ عدد أبياتها خمسة وثلاثين بيتا, بينما يبلغ عدد أبيات قصديته التي نحن بصددها ثمانية وستين بيتا, فهي ليست أطول قصيدة في ديوان الشنفرى الذي جمعه الأستاذ عبد العزيز الميمني ضمن مجموعة الطرائف الأدبية فحسب ولكنها أطول قصيدة في شعر الصعاليك جميعا، وربما كان هذا الطول الذي لم يؤلف في شعرهم هو ما دعا الدكتور يوسف خليف إلى الشك في نسبة هذه القصيدة إلى الشنفرى وإلحاقها بخلف الأحمر الراوية المشهور كما ذهب إلى ذلك بعض المستشرقين، على أن ذلك لا يمنع من نسبتها إلى الشنفرى؛ لأن الذي يستطيع أن ينشد قصيدة من خمسة وثلاثين بيتا لا يعجزه أن يبدع أخرى تبلغ ثمانية وستين بيتا على أن المتتبع لشعر الصعاليك بجد أن هناك بعض القصائد الأخرى التي اتسمت بالطول كقصيدة مالك بن حريم العينية التي رواها له الأصمعي إذ تبلغ أربعين بيتا وقصيدة عبدة بن الطبيب الذي قضى معظم حياته متصعلكا في الجاهلية, وقد بلغت عددها واحدا وثمانين بيتا رواها له صاحب المفضليات وغيرها، والواقع أن القصيدة تثمل روح الشنفرى الثائرة كما تمثل حياته تمثيلا حقيقيا، وتضح لنا أبعاد شخصيته