[ماعيب على زهير في حديثه عن الضفادع والرد على ذلك]
...
كما يصف الناقة التي تستقي بهذه الدلو، فهي ناقة معودة على هذا العمل الشاق ألفته ومرنت عليه، يقول عنها: مقتلة من النواضح, وهذه العبارة تنطوي على شعور الإعجاب بهذه الناقة المدربة الماهرة, والتي تطيع صاحبها لساعات طويلة، دون أن تنفر منه أو تحرن، والسائق خلفها يحدو لها وينذرها بالسوط إن أبطات، والرجل القائم على فم البئر يستقبل الدلو ليفرغه في الجدول, ويصف كذلك الجدول الذي يجري فيه الماء، والضفادع التي تعيش على شواطئه، والحفرة التي تحيط بالنخيل, وأخيرًا يصف فزع الضفادع حين يجري الماء في الحفر، حيث تقفز إلى جذوع النخل تخاف الغرق والهلاك.
وقد عابوا عليه قوله عن الضفادع:
يخرجن من شربات ماؤها طحل ... على الجزوع يخفن الغم والغرقا
وقالوا: ليس خروج الضفادع من الماء مخافة الغرق والغم، وإنما ذلك لأنهن يبضن في الشطوط، فغلطوه في ذلك، وأنكروه عليه أشد الإنكار.
فهذا أبو هلال العسكري يتحدث عن الخطأ، ويعدد له أمثلة كثيرة ثم يقول: وقريب من هذا قول زهير: ويذكر البيت السابق، ويعلق عليه بقوله: ظن زهير أن الضفادع يخرجن من الماء مخافة الغرق.
وكأنهم يفترضون في زهير أن يكون عالمًا بطبائع الحيوانات، عارفًا بصفاتها على وجه التحقيق العلمي، مع أن زهيرًا لم يقصد إلا أن يقول إن الماء الذي يصب في الجدول، ثم يجري في الشربات يخيف