للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الضفادع, فتخرج منه مندفعة إلى الشاطئ، ولم يكن زهير مخطئًا في ذلك؛ لأن الضفادع لا تستطيع أن تعيش تحت الماء، إذ ليست لها خياشيم كخياشيم الأسماك تمكنها من أن تأخذ الأكسجين المذاب في الماء، بل هي تتنفس الهواء الجوي بواسطة رئتين لها عن طريق الأنف أو الفم، وبواسطة جلدها أيضًا، فلو وضعت تحت سطح الماء، وظلت تحته لغرقت فعلًا١.

على أن هذه الضفادع كانت مختفية في شقوق الجداول وفي الشربات حول أصول النخيل، فلما أحست بالماء خرجت تقفز وتثب على جذوع النخل.

وقد دافع ابن رشيق عن زهير بقوله: إن زهيرا لم يرد أنها تخاف الغرق على الحقيقة، ولكنها عادة من هرب من الحيوان من الماء، فكأنه مبالغة في التشبيه كما قال عز وجل: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} وقوله تعالى: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِر} والقول فيهما محمول على كاد, مع أنا نجد الأماكن البعيدة القعر من البحار لا تقربها دابة خوفًا على نفسها من الهلكة، فكأنه أراد المبالغة في كثرة ماء هذه الشربات٢.


١ يراجع الشعر الجاهلي: د محمد النويهي: صـ ١٤٠, وما بعدها، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة.
٢ العمدة: جـ ٢٥١/٢.

<<  <   >  >>