١ وقد بدأها الشاعر بالخروج على المجتمع دون أن يمهد لذلك بلون من ألوان المقدمات التقليدية التي جرى الشعراء أن يفتتحوا بها قصائدهم, وربما كان ذلك راجعا إلى الثورة على المجتمع ورفض الخضوع لتقاليده، وإلى الحرية التي كان ينعم بها هؤلاء في ظل الظروف التي يحيونها، هذه الثورة وهذا الخروج قد امتدا إلى الخروج على التقاليد الفنية التي جرى عليها الشعراء وترسبت في أعماقهم حتى صارت تمثل ظاهرة أساسية ومعلما من معالم بناء قصائدهم الفنية, فكان الشنفرى في هذه القصيدة ثائرا على الأوضاع الفنية متحررا من المقدمات التي نجدها في الشعر الجاهلي، وإن كنا نجده في القصائد الباقية التي رويت في مجموعة الطرائف الأدبية يبدأ بالحديث إلى صاحبته طالبا منها أن تدعه وشأنه ليذهب مع رفاقه حتى يحقق ذاته ثم لتقل بعد ذلك ما تشاء، فإنه لن يموت إلا مرة واحدة:
دعيني وقولي بعد ما شئت أنني ... سيغدي بنعشي مرة فأغيب
والأبيات التي استهل بها الشاعر قصيدته تعكس بوضوح حالته النفسية التي ألمت به, وتوقفنا على البعد النفسي لأعماق الشاعر، فقد بدأها بفعل الأمر أقيموا الذي يتضمن من الحث والتحضيض الشيء الكثير للدلالة على أنه أصبح لا يحتمل المقام بينهم فقد أعيته الحيل