ونفد صبره ولا راحه له في مفارقتهم؛ لأنهم خذلوه عندما تركوه أسيرا في بني شبابة ثم عبدا في بني سلامان، وفوق ذلك لم يثأروا لأبيه على عادة العرب في الأخذ بثأر من قتل منهم، ويدل على شدة نفوره منهم ورغبته الملحة في اللحاق بغيرهم تقديم الجار والمجرور في قوله: إلى قوم سواكم. فقد ضاق بالمكان وأهله ولعل في تعبيره، عن قومه ببني أمي ما يدل على وشائج الرحم وصلة المودة والقربى التي تربطه بهم مما يوحي بحرصه عليهم حيث تجمعه وإياهم صلة الرحم.
فالشطر الثاني من هذا البيت تعليل للشطر الأولى، كما أن البيت الثاني تعليل للأمر في البيت الأول، على أن قوله والليل مقمر في البيت الثاني يوحي بوضوح الأمر أمامه وأنه قد اتخذ قراراه بالرحيل عنهم بعد أن توفرت لديه الأسباب والدواعي.
وواضح من السياق أن مشكلة الشاعر في قومه؛ حيث يتمنى ارتحالهم وبت الصلة بينه وبينهم، فقد أصبح يطلب قوما سواهم يؤثرهم عليهم حين يقول:
ولي دونكم أهلون سيد عملس ... وأرقط زهلول وعرفاء جيال
فإذا كان أهله أذلوه وسخروا منه فإن هناك في عالم الحيوان الوحوش من يتصف بصفات لم يجدها في بني الإنسان، ولذلك