للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شغلوا بزرعه وتلهوا بالعمل فيه، وحين أراد أن يبين أن ذلك عادتهم ودينهم وأنهم قائمون على ذلك لا ينفكون عنه أتى بالمضارع الدال على التجدد والاستمرار في قوله تحرثون، تبغون، تلقحون، تنتجون للدلالة على أن هذه أوصاف كانت لهم في الماضي، وملازمة لهم في الحال وربما لازمتهم في المستقبل، وهذا ما يحزنه، وما حدا به أن يصف فعلهم هذا بالجهل والسفه والبعد عن السداد والرشاد، على أنهم لا ينصرفون إلى الزراعة ورعي الإبل والاستكثار من نتاجها إلا اذا كانوا آمنين, وقد صور ماهم عليه من الاستغراق في الغفلة والدعة بالثياب التي تعمهم وتحيطهم من كل جانب للإشارة إلى أنهم في ثبات عميق:

وتلبسون ثياب الامن ضاحية ... لا تفزعون وهذا الليث قد جمعا

فهم آمنون مشغولون بجمع المال وتثميره بينما عدوهم يفزع للإنقضاض عليهم ولعل في هذه المقابلة بين حالهم وحال العدو ما يستفزهم، وفي تصوير كسرى بالليث ما يساعد على تحقيق هذا الغرض.

ومرة أخرى يصورهم بالنيام، لأنهم يمرحون ويلهون مستمتعين بحاضرهم, بينما نذر الحرب قد لاحت في الأفق وبدا وقوعها وشيكا

<<  <   >  >>