للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التحليل:

وفي هذه المجموعة يتحدث الشنفرى عن الصحراء الموحشة التي يعز على السابلة سلوكها، أما هو فإنه يقطعها على قدميه ويطويها طيا، بل إنه لشدة عدوه أمحت المسافات ولم يعد هناك فارق كبير بين أولها وآخرها، فطورا تراه مشرفا على أعلى الجبال، وكان الصعاليك يتخذون من أعلى الجبال مراقب يراقبون منها الطريق، وطورا تراه في السفح إذا احس نصبا أو جهدا وكان سبيله إلى الراحة القعود على ركبتيه، بغية أن يلتقط أنفاسه ثم لا يلبث أن يعود إلى العدو، ولا يحدث ذلك منه مرة واحدة، وإنما يصنعه مرارا حتى ألفته الصحراء وأنست به وعولها فصارت تذهب وتجيء حوله في غير نفرة أو خوف، وهي بشعرها الطويل وذيولها المنسدلة كأنها في غير نفرة أو خوف، وهي بشعرها الطويل وذيولها المنسدلة كأنها عذارى لابسات ثيابا طويلة الذيل، ليس هذا فحسب ولكن أمرها معه بلغ ما هو أبعد من ذلك؛ إذ تظل ثابتة في مكانها حين تراه؛ لأن بينها وبينه ألفة وميلا، فإذا جاء وقت الأصيل راحت تتحلق به وكأنها إناث تلتف حول ذكر قوي منيع ألفها وألفته.

<<  <   >  >>