للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما ذاك والله أعلم إلا لبركة مراعيها هذا على أفراط سمنه ولو كان سواه من لحوم البلاد ينتهى ذلك المنتهى في السمن للفظته الأفواه زهما١ ولعافته وتجنبته.

والأمر في هذا بالضد كلما ازداد سمنا زادت النفوس فيه رغبة والنفس له قبولا فتجد هـ هنيئا رخصا يذوب في الفم قبل أن يلاك مضعا ويسرع لخفته عن المعدة انهضاما. وما أرى ذلك إلا من الخواص الغريبة وبركة البلد الأمين قد تكفلت بطيبة لا شك فيه والخبر عنه يضيق عن الخبر له والله يجعل فيه رزقا لمن تشوق بلدته الحرام وتمنى هذه المشاهد العظام والمناسك الكرام بعزته وقدرته.

وهذه الفواكه تجلب إليها من الطائف وهي على مسيرة ثلاثة أيام منها على الرفق والتؤدة ومن قرى حولها واقرب هذه المواضع يعرف با هو من مكة على مسيرة يوم أو أزيد قليلا وهو من بطن الطائف ويحتوى على قرى كثيرة ومن بطن مر وهو على مسيرة يوم أو أقل ومن نخلة وهي على مثل هذه المسافة ومن أودية بقرب من البلد كعين سليمان وسواها قد جلب الله إليها من المغاربة ذوي البصارة٢ بالفلاحة ولازراعة فأحدثوا فيها بساتين ومزارع فكانوا أحد الأسباب في خصب هذه الجهات وذلك بفضل الله عز وجل وكريم اعتنائه بحرمة الكريم وبلده الأمين.

ومن أغرب ما ألفيناه فاستمتعنا بأكله وأجرينا الحديث باستطابته ولا سميا لكوننا لم نعهده الرطب وهو عندهم بمنزلة التين الأخضر في شجره يجنى يوؤكل وهو في نهاية من الطيب واللذاذة لا يسأم التفكه به وإبانه عندهم عظيم يخرج الناس إليه كخروجهم إلى الضيعة أو كخروج أهل المغرب لقراهم أيام نضج التين والعنب ثم بعد ذلك عند تناهى نضجه يبسط على


١ زهما: تخمة من الدسم.
٢ البصارة: المعرفة.

<<  <   >  >>