للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتسليمتين وقام خطيبا مستقبل المقام والبيت العتيق فلم يتمكن سماع الخطبة للازدحام وضوضاء العوام.

فلما فرغ من خطبته عاد الأئمة لاقامة تراويحهم وانفض الجمع ونفوسهم قد استطارت خشوعا واعينهم قد سالت دموعا والأنفس قد اشعرت من فضل تلك الليلة المباركة رجاء مبشرا بن الله تعالى بالقبول ومشعرا أنها ولعلها ليلة القدر المشرف ذكرها في التنزيل والله عز وجل لا يخلى الجميع من بركة مشاهدتها وفضل معاينتها أنه كريم منان لا إله سواه.

ثم ترتبت قراءة أئمة المقام الخمسة المذكورين أولا بعدهذه الليلة المذكورة بآيات ينتزعونها من القرآن على اختلاف السور تتضمن التذكير والتحذير والتبشير بحسب اختيار كل واحد منهم ورسم طوافهم إثر كل تسليمتين باق على حاله والله ولى القبول من الجميع.

ثم كانت ليلة تسع وعشرين منه فكان المختتم فيها سائر أئمة التروايح ملتزمين رسم الخطبة اثر الختمة والمشار إليه منهم المالكي فتقدم باعداد أعواد بإزاء محرابه نصبها ستة على هيئة دارة محراب مرتفعة عن الأرض بدون القامة يعترض على كل اثنين منها عود مبسوط فأدير بالشمع أعلاها وأحدق اسفلها ببقايا شمع كثير قدتقدم ذكره عند ذكر أول الشهر المبارك. وأحدق أيضا داخل تلك الدائرة شمع آخر متوسط فكان منظرا مختصرا ومشهدا عن احتفال المباهاة منزها موقرا رغبة في احتفال الأجر والثواب ومناسبة لموضع هيئة المحراب نصبت للشمع فيه عرضا من الأنوار أثافي١ من الأحجار فجاءت الحال غريبة في الاختصار خارجة عن محفل التعاظم والاستكبار داخلة مدخل التواضع والاستصغار.

واحتفل جميع المالكية للختمة فتناوبها أئمة التراويح فقضوا صلاتهم


١ الأثافي: أحجار توضع عليها القدر.

<<  <   >  >>