للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكأن ذلك التشمير إيذان بالتشمير للسفر وإيذان بقرب وقت وداعها المنتظر لا جعله الله آخر وداع وقضى لنا إليها بالعودة وتيسير سبيل الاستطاعة بعزته وقدرته.

وفي يوم الجمعة الرابع والشعرين قبل هذا اليوم المذكور كان دخولنا إلى البيت الكريم على حال اختلاس وانتهاز فرصة أوجدت بعض فرجة من الزحام فدخلناه دخول وداع إذ لا يتمكن دخوله بعد ذلك لترادف الناس عليه ولا سيما الأعاجم الواصلون مع الأمير العراقي فانهم يظهرون من التهافت عليه والبدار إليه والازدحام فيه ما ينسى أحوال السرو إليمنيين لفظاظتهم وغلظتهم فلا يتمكن لاحد منهم النظر فضلا عن غير ذلك والله عز وجل لا يجعله آخر العهد ببيته الكريم ويرزقنا العود إليه على خير وعافية بمنه ولطيف صنعه.

وفي يوم إحرام الكعبة المذكور أقلعت عن موضع المقام المقدس القبة الخشبية التي كانت عليه ووضعت عوضها قبة الحديد إعدادا للأعاجم المذكورين لأنها لو لم تكن حديدا لأكلوها أكلا فضلا عن غير ذلك لما هم عليه من صحة النفوس شوقا إلى هذه المشاهدة المقدسة ونطارحهم بأجرامهم عليها والله ينفعهم بنباتهم بمنه وكرمه.

وفي يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من الشهر المذكور جاء زعيم الشبيين المعزول يتهادى من بنيه زهوا وإعجابا ومفتاح الكعبة المقدسة بيده قد اعيداليه ففتح الباب الكريم وصعد مع بنيه السطح المبارك الأعلى بأمراس من القنب غليظة يوثقونها في أوتاد الحديد المضروبة في السطح ويرسلونها إلى الأرض فيربط فيها شبيه محمل من العود ويجلس فيه أحد سدنة البيت من الشييين فيصعد به على بكرة معدة لذلك في أعلى السطح المذكور فيتولى خياطة ما مزقته الريح من الأستار فسألنا عن كيفية صرف هذا الشيبي المعزول إلى خطته على صحة الهنات المنسوبة إليه فأعلمنا أنه صودر عليها بخمس

<<  <   >  >>