وبتنا بموضع يعرف بتمنى في خان وثيق على الصفة المذكورة.
ثم اسحرنا منه يوم السبت التاسع عشر لربيع الأول المذكور وهو آخر يوم من يونيه وراينا عن يمين طريقنا بمقدار فرسخين يوم الجمعة المذكور بلاد المعرة وهي سواد كلها بشجر الزيتون والتين والفستق وأنواع الفواكه ويتصل التفاف بساتيها وانتظام قراها مسيرة يومين وهي من اخصب بلادالله وأكثرها أرزاقا. ووراءها جبل لبنان وهو سامي الارتفاع ممتد الطول يتصل من البحر إلى البحر وفي صفحته حصون للملاحدة الاسماعيلية فرقة مرقت من الإسلام وادعت الإلهية في أحد الانام قيض لهم شيطان من الأندلس يعرف بسنان١ خدعهم بأباطيل وخيالات موه عليهم باستعمالها وسحرهم بمحالها فاتخذوه الها يعبدونه ويبذلون الأنفس دونه وحصلو من طاعته وامتثال أمره بحيث يأمر أحد هم بالتردي من شاهقة جبل فيتردى ويستعجل في مرضاته الردى والله يضل من يشاء ويهدي من يشاء بقدرته نعوذ به سبحانه من الفتنة في الدين ونساله العصمة من ضلال الملحدين لا رب غيره ولا معبود سواه.
وجبل لبنان المذكور هو حد بين بلادالمسلمين والإفرنج لأن وراءه انطاكية واللاذقية وسواهما من بلادهم اعادها للمسلمين وفي صفح الجبل المذكور حصن يعرف بحصن الأكراد هو للافرنج ويغيرون منه على حماة وحمص وهو بمرأى العين منهما فكان وصولنا إلى مدينة حماة في اضحى الأعلى من يوم السبت المذكور فنزلنا بربضها في أحد خاناته.
١ أبو الحسن سنان بن سليمان البصري صاحب الدعوة الإسماعلية.