أوجبت نزول الأعراب أهل حمص فيها حسبما يذكر وهذا التشبيه وإن لم يكن بذاته فله لمحة من إحدى جهاته.
وأقمنا بها يوم الأحد المذكور ويوم الإثنين بعده وهو الثاني ليوليه إلى أول الظهر ورحلنا منها وتمادى سيرنا إلى العشى ونزلنا بقرية خربة ترعف بالمعشر فعشبنا بها الدواب ثم رحلنا عند المغرب وأسرينا طول ليلتنا وتمادى سيرنا إلى الضحى الأعلى من يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من الشهر المذكور ونزلنا بقرية كبيرة للنصارى المعاهدين تعرف بالقارة ليس فيها من المسلمين أحد وبها خان كبير كأنه الحصن المشيد في وطسه صهريج كبير مملوء ماء يتسرب له تحت الأرض من عين على البعد فهو لا يزال ملآن
فأرحنا بالخان المذكور إلى الظهر ثم رحلنا منه إلى قرية تعرف بالنبك بها ماء جار ومحرث متسع فنزلنا بها للتعشبية ثم رحلنا منها بعداختلاس تهويمة١ خفيفة.
وأسرينا الليل كله فوصلنا إلى خان السلطان مع الصباح وهو خان بناه صلاح الدين صاحب الشام وهو في نهاية الوثاقة والحسن بباب حديد على سبيلهم في بناء خانات هذه الطرق كلها واحتفالهم في تشييدها وفي هذا الخان ماء جار يتسرب إلى سقاية في وسط الخان كانها صهريج ولها منافس ينصب منها الماء في سقاية صغيرة مستديرة حول الصهيريج ثم يغوص في سرب في الأرض.
والطريق من حمص إلى دمشق قليل العمارة إلا في ثلاثة مواضع أو أربعة منها هذه الخانات المذكورة فأقمنا يوم الأربعاء الثالث والعشرين لربيع المذكور بالخان المذكور مريحين ومستدركين النوم إلى أول الظهر ثم رحلنا وجزنا بثنية العقاب ومنها يشرف على بسيط دمشق وغوطتها وعند هذه الثنية مفرق طريقين: إحد اهما التي جئنا منها ولا ثانية آخذة شرقا في البرية على السماوة إلى العراق وهي طريق قصد لكنها لا تدخل إلا في الشتاء. فانحدرنا