وفي الجانب الشرقي من الصحن باب يفضى إلى مسجد من أحسن المساجد وابدعها وضعا واجملها بناء يذكر الشيعة إنه مشهد لعلي بن أبي طالب رضى الله عنه وهذا من أغرب مختلقاتهم ومن العجيب إنه يقابله في لجهة الغربية في زاوية البلاط الشمالي من الصحن موضع هو ملتقى آخر البلاط الشمالي مع أول البلاط الغربي مجلل بستر في أعلاه وأمامه ستر أيضا منسدل يزعم أكثر الناس إنه موضع لعائشة رضى الله عنها وإنها كانت تسمع الحديث فيه. وعائشة رضى الله عنها في دخول دمشق كعلي رضى الله عنه لكن لهم في علي رضى الله عنه مندوحة من القول وذلك أنهم يزعمون إنه رؤى في المنام مصليا في ذاك الموضع فبنت الشيعة فيه مسجدا وأما الموضع المنسوب لعائشة رضى الله عنها فلا مندوحة فيه وإنما ذكرناه لشهرته في الجامع.
وكان هذا الجامع المبارك ظاهرا وباطنا منزلا كله بالفصوص المذهبة مزخرفا بأبدع زخاريف البناء المعجز الصنعة فادركه الحريق مرتين فتهدم وجدد وذهب أكثر رخامه فاستحال رونقه فاسلم ما فيه اليوم قبلته مع الثلاث قباب المتصلة بها ومحرابه من أعجب المحاريب الإسلامية حسنا وغرابة صنعة يتقد ذهبا كله وقد قامت في وسطه محاريب صغار متصلة بجداره تحفها سويريات١ مفتولات فتل الاسورة كأنها مخروطة لم ير شيء أجمل منها وبعضها حمر كأنها مرجان. فشأن قبلة هذا الجامع المبارك مع ما يتصل بها من قبابه الثلاث واشراق شمسياته المذهبة الملونة عليه واتصال شعاع الشمس بها وإنعكاسه إلى كل لون منها حتى ترتمي الأبصار منه اشعة ملونة يتصل ذلك بجاره القبلي كله عظيم لا يحلق وصفه ولا تبلغ العبارة بعض ما يتصوره الخاطر منه والله يعمره بشهادة الإسلام وكلمته بمنه