حيف يجرى بينهم فيها. فرحلنا عنها عشي يوم السبت المذكور إلى قرية تعرف بالمسية بمقربة من حصن الإفرنج المذكور فكان مبيتنا بها ثم رحلنا منها يوم الأحد سحرا واجتزنا في طريقنا بين هونين وتبنين بواد ملتف الشجر وأكثر شجرة الرند بعيدالعمق كأنه الخندق السحيق المهوي تلتقى حافتاه ويتعلق بالسماء أعلاه يعرف بالاسطيل لو ولجته العساكر لغابت فيه لا منجي ولا مجال لسالكه عن يد الطالب فيه المهبط إليه والمطلع عنه عقبتان كؤودان، فعجبنا من أمر ذلك المكان فاجزناه ومشينا عنه يسيرا وانتهينا إلى حصن كبير من حصون الإفرنج يعرف بتبنين وهو موضع تعكيس القوافل وصاحبته خنزيرة تعرف بالملكة هي أم الملك الخنزير صاحب عكة دمرها الله، فكان مبيتنا أسفل ذلك الصحن ومكس الناس تمكيسا غير مستقصى والضريبة فيه دينار وقيراط من الدنانير الصورية على الراس ولا اعتراض على التجار فيه لأنهم يقصدون موضع الملك الملعون وهو محل التعشير والضريبة فيه قيراط من الدينار والدينار أربعة وعشرون قيراطا.
وأكثر المعترضين في هذا المكس المغاربة ولا اعتراض على غيرهم من جميع بلادالمسلمين وذلك لمقدمة منهم احفظت الإفرنج عليهم سببها أن طائفة من أنجادهم عزت مع نور الدين رحمه الله أحد الحصون فكان لهم في أخذه عنى ظهر واشتهر فجازاهم الإفرنج بهذه الضريبة المكسية ألزموها رؤوسهم فكل مغربي يزن على رأسه الدينار المذكور في اختلافه على بلادهم. وقا الإفرنج: إن هؤلاء المغاربة كانوا يختلفون على بلادنا ونسالمهم ولا نرزأهم شيئا فلما تعرضوا لحربنا وتالبوا مع إخوانهم المسلمين علينا وجب أن نضع هذه الضريبة عليهم فللمغاربة في أداء هذا المكس سبب من الذكر الجميل في نكايتهم العدو يسهله عليهم ويخفف عنته عنهم.
ورحلنا من تبنين دمرها الله سحر يوم الإثنين وطريقنا كله على ضياع متصلة وعمائر منتظمة سكانها كلها مسلمون وهم مع الإفرنج على