للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ (٣٠) «١» وقال تعالى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى «٢».

ومعلوم أن الأسماء إذا كانت أعلاما وجامدات لا تدل على معنى لم يكن فرق فيها بين اسم واسم فلا يلحد أحد في اسم دون اسم ولا ينكر عاقل اسما دون اسم بل قد يمتنع عن تسميته مطلقا ولم يكن المشركون يمتنعون عن تسمية الله بكثير من أسمائه وإنما امتنعوا عن بعضها، وأيضا فالله له الأسماء الحسنى دون السوأى وإنما يتميز الاسم الحسن عن الاسم السيئ بمعناه فلو كانت كلها بمنزلة الأعلام الجامدات التي لا تدل على معنى لا تنقسم إلى حسنى وسوأى بل هذا القائل لو سمى معبوده بالميت والعاجز والجاهل بدل الحي والعالم والقادر لجاز ذلك عنده.

فهذا ونحوه قرمطة ظاهرة من هؤلاء الظاهرية الذي يدعون الوقوف مع الظاهر وقد قالوا بنحو مقالة القرامطة الباطنية في باب توحيد الله وأسمائه وصفاته مع ادعائهم الحديث ومذهب السلف وإنكارهم على الأشعري وأصحابه أعظم إنكار «٣».

ومعلوم أن الأشعري وأصحابه أقرب إلى السلف والأئمة ومذهب أهل الحديث في هذا الباب من هؤلاء بكثير.

وأيضا فهم يدعون أنهم يوافقون أحمد بن حنبل ونحوه من الأئمة في مسائل القرآن والصفات وينكرون على الأشعري وأصحابه، والأشعري وأصحابه أقرب إلى أحمد بن حنبل ونحوه من الأئمة في مسائل القرآن والصفات منهم تحقيقا وانتسابا. أما تحقيقا فمن عرف مذهب الأشعري وأصحابه ومذهب ابن حزم وأمثاله من الظاهرية في باب الصفات تبين له ذلك وعلم هو وكل من فهم المقالتين أن هؤلاء الظاهرية الباطنية أقرب إلى المعتزلة بل إلى الفلاسفة من الأشعرية.

وأن الأشعرية أقرب إلى السلف والأئمة وأهل الحديث منهم وأيضا فإن إمامهم داود وأكابر أصحابه كانوا من المثبتين للصفات على مذهب أهل السنة


(١) سورة الرعد، الآية: ٣٠.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ١١٠.
(٣) انظر الملل والنحل (٢/ ١١١ - ١١٢).

<<  <   >  >>