والحديث، ولكن من أصحابه طائفة سلكت مسلك المعتزلة وهؤلاء وافقوا المعتزلة في مسائل الصفات وإن خالفوهم في القدر والوعيد.
وأما الانتساب فانتساب الأشعري وأصحابه إلى الإمام أحمد خصوصا وسائر أئمة أهل الحديث عموما ظاهر مشهور في كتبهم كلها.
وما في كتب الأشعري ممّا يوجد مخالفا للإمام أحمد وغيره من الأئمة فيوجد في كلام كثير من المنتسبين إلى أحمد كأبي الوفاء بن عقيل وأبي الفرج بن الجوزي وصدقة بن الحسين وأمثالهم ما هو أبعد عن قول أحمد والأئمة من قول الأشعري وأئمة أصحابه ومن هو أقرب إلى أحمد والأئمة من مثل ابن عقيل وابن الجوزي ونحوهما كأبي الحسن التميمي وابنه أبي الفضل التميمي وابن ابنه رزق الله التميمي ونحوهم وأئمة أصحاب الأشعري كالقاضي أبي بكر بن الباقلاني وشيخه أبي عبد الله بن عبد الله بن مجاهد وأصحابه كأبي علي بن شاذان وأبي محمد بن اللبان بل وشيوخ شيوخه كأبي العباس القلانسي وأمثاله، بل والحافظ أبو بكر البيهقي وأمثاله أقرب إلى السنة من كثير من أصحاب الأشعري المتأخرين الذين خرجوا عن كثير من قوله إلى قول المعتزلة أو الجهمية أو الفلاسفة.
فإن كثير من متأخري أصحاب الأشعري خرجوا عن قوله إلى قول المعتزلة أو الجهمية أو الفلاسفة إذ صاروا واقفين في ذلك كما سننبه عليه «١».
وما في هذا الاعتقاد المشروح هو موافق لقول الواقفة الذين لا يقولون بقول الأشعري وغيره من متكلمة أهل الإثبات وأهل السنة والحديث والسلف بل يثبتون ما وافقه عليه المعتزلة البصريون فإن المعتزلة البصريين يثبتون ما في هذا الاعتقاد ولكن الأشعري وسائر متكلمة أهل الإثبات مع أئمة السنة والجماعة يثبتون الرؤية ويقولون: القرآن غير مخلوق ويقولون: إن الله حي بحياة عالم بعلم، قادر بقدرة، وليس في هذا الاعتقاد شيء من هذا الإثبات.
وقد رأيت اعتقادا مختصرا لصاحب مصنف هذا الاعتقاد المشروح وهو مشهور بالعلم والحديث، وهو في الظاهر أشعري عند الناس ورأيت اعتقاده على هذا النمط ذكر فيه أن الله متكلم آمر ناه كما يوافق عليه المعتزلة، ولم يذكر أن القرآن غير مخلوق، ولا أثبت الرؤية بل جعلها ممّا تأول وكان يميل إلى الجهمية الذين ناظروا أحمد بن حنبل وسائر أئمة السنة في القرآن ويرجح جانبهم، وحكى
(١) وانظر للفائدة كتاب موقف ابن تيمية من الأشاعرة للدكتور عبد الرحمن المحمود حفظه الله تعالى ونفع به.