للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا» «١».

ولهذا قال تعالى: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (٢٢٣) وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ (٢٢٦) «٢» بين سبحانه أنه ليس بكاهن تنزل عليه الشياطين ولا شاعر حيث كانوا يقولون ساحر وشاعر، فبين أن الشياطين تنزل على الكاذب الفاجر يلقون إليهم السمع وأكثرهم كاذبون فهؤلاء الكهان ونحوهم وإن كانوا يخبرون أحيانا بشيء من المغيبات ويكون صدقا فمعهم من الكذب والفجور ما يبين أن الذي يخبرون به ليس عن ملك وليسوا بأنبياء.

ولهذا لما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لابن صياد: «قد خبأت لك خبيئا»، قال: هو الدخ، قال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: «اخسأ فلن تعدو قدرك» «٣» يعني إنما أنت كاهن، كما قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: يأتيني صادق وكاذب، وقال: أرى عرشا على الماء، وذلك هو عرش الشيطان كما ثبت مثل ذلك في الصحيح «٤» عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.

وبين الله تعالى أن الشعراء يتبعهم الغاوون، والغاوي الذي يتبع هواه وشهوته، وإن كان ذلك مضرّا له في العاقبة قال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ (٢٢٦) «٥».


(١) أخرجه البخاري في صحيحه برقم (٦٠٩٤) وفي الأدب برقم (٣٨٦) ومسلم في صحيحه برقم (٢٦٠٧) وأحمد في المسند بالأرقام (٣٦٣٨، ٣٧٢٧، ٣٨٩٦، ٤٠٢٢، ٤٠٩٥، ٤١٠٨، ٤١٦٠، ٤١٨٧) وأبو داود في سننه برقم (٤٩٨٩) وابن حبان في صحيحه برقم (٢٧٢) والترمذي في سننه برقم (١٩٧١) والبغوي في شرح السنة برقم (٣٥٧٤) والبيهقي في سننه (١٠/ ١٩٦) والطيالسي في مسنده برقم (٢٤٧) والطبراني في معجمه الصغير برقم (٦٨٣) وأبو نعيم في الحلية (٥/ ٤٣) وأبو يعلى في مسنده برقم (٥١٣٨) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٢) سورة الشعراء، الآيات: ٢٢١ - ٢٢٦.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه بالأرقام (١٣٥٤، ٣٠٥٥، ٦١٧٣، ٦٦١٨) وفي الأدب المفرد برقم (٩٥٨) ومسلم في صحيحه برقم (٢٩٣٠) وأبو داود في سننه برقم (٤٣٢٩) والترمذي في سننه برقم (٢٢٤٩) وأحمد في المسند بالأرقام (٦٣٦٠ و٦٣٦١ و٦٣٦٢ و٦٣٦٣ و٦٣٦٤) وعبد الرزاق في المصنف برقم (٢٠٨١٧) وابن حبان في صحيحه برقم (٦٧٨٥) والبغوي في شرح السنة برقم (٤٢٧٠) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه برقم (٢٨١٣) وأحمد في المسند (٣/ ٣١٤) من حديث جابر رضي الله عنه.
(٥) سورة الشعراء، الآيتان: ٢٢٥ - ٢٢٦.

<<  <   >  >>