للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (٢) «١».

وقال تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠٩) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١١٠) لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١) «٢».

ومثل هذا في القرآن متعدد في غير موضع يذكر الله تعالى قصص رسله ومن آمن بهم وما حصل لهم من النصر والسعادة وحسن العاقبة وقصص من كفر بهم وكذبهم وما حصل لهم من البلاء والعذاب وسوء العاقبة، وهذا من أعظم الأدلة والبراهين على صدق الرسل وبرّهم وكذب من خالفهم وفجوره، ثم إنه سبحانه بيّن أن ذلك يعلم بالبصر أو السمع أو بهما.

فالبصر والمشاهدة لمن رآهم أو رأى آثارهم الدالة عليهم كمن شاهد أصحاب الفيل وما أحاط بهم، ومن شاهد آثارهم بأرض الشام واليمن والحجاز وغير ذلك كآثار أصحاب الحجر وقوم لوط ونحو ذلك.

والسمع فبالأخبار التي تفيد العلم كتواتر الأخبار بما جرى في قصة موسى وفرعون وغرق فرعون في القلزم، وكذلك تواتر الأخبار بقصة الخليل مع النمروذ، وتواتر الأخبار بقصة نوح وإغراق أهل الأرض، وأمثال ذلك من الأخبار المتواترة عند أهل الملل وغير أهل الملل مع أن في بعض قصص من تواترت به هذه الأخبار ما يحصل العلم بخبرهم، واشتراك البصر والسمع كما يشاهد بعض الآثار من تواتر الأخبار، وممّا يبين الحال كما نشاهد السفن ويعلم بالخبر أن ابتداءها كان سفينة نوح كما قال تعالى: وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢) «٣» وقوله تعالى: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (١٢) «٤»، وكذلك نشاهد أرض الحجر وما فيها من البيوت المنقورة في الجبال، ونعلم بالخبر تفصيل الحال وأمثال ذلك.


(١) سورة الحشر، الآية: ٢.
(٢) سورة يوسف، الآيات: ١٠٩ - ١١١.
(٣) سورة يس، الآيتان: ٤١ - ٤٢.
(٤) سورة الحاقة، الآيتان: ١١ - ١٢.

<<  <   >  >>