للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو من خيار المسلمين وساداتهم عند المسلمين وفي عصرهم حدث اسم الصوفية وظهر الكلام أيضا.

وكلام سلف الأمة والأئمة في ذم البدع الكلامية في العلم والبدع المحدثة في طريقة الزهد والعبادة مشهور كثير مستفيض، ولم يتنازع أهل العلم والإيمان فيما استفاض عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من قوله: «خير القرون قرني، الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» «١» وكل من له لسان صدق من مشهور بعلم أو دين معترف بأن خير هذه الأمة هم الصحابة، وأن المتبع لهم أفضل من غير المتبع لهم ولم يكن في زمنهم أحد من هذه الصنوف الأربعة ولا تجد إماما في العلم والدين كمالك والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ومثل الفضيل بن عياض وأبي سليمان ومعروف الكرخي وأمثالهم إلا وهم مصرحون بأن أفضل علمهم ما كانوا فيه مقتدين فيه بعلم الصحابة وهم يرون أن الصحابة فوقهم في جميع أبواب الفضل والمناقب، والذين اتبعوهم من أهل الآثار النبوية وهم أهل الحديث والسنة العالمون بطريقهم المتبعون لها وهم أهل العلم بالكتاب والسنة في كل عصر ومصر.

فهؤلاء الذين هم أفضل الخلق من الأولين والآخرين لم يذكرهم أبو حامد وذلك لأن هؤلاء لا يعرف طريقهم إلا من كان خبيرا بمعاني القرآن خبيرا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم خبيرا بآثار الصحابة فقيها في ذلك عاملا بذلك، وهؤلاء هم أفضل الخلق من المنتسبين إلى العلم والعبادة، وأبو حامد لم ينشأ بين من كان يعرف طريقة هؤلاء ولا تلقى عن هذه الطبقة ولا كان خبيرا بطريقة الصحابة والتابعين بل كان يقول عن نفسه أنه مزجي البضاعة في الحديث ولهذا يوجد في كتبه من الأحاديث الموضوعة والحكايات الموضوعة ما لا يعتمد عليه من له علم بالآثار، ولكن نفعه الله تعالى بما وجده في كتب الصوفية والفقهاء من ذلك كتاب أبي طالب «٢» ورسالة القشيري «٣» وغير ذلك،


- انظر ترجمته في السير (٩/ ٣٣٩) وتاريخ بغداد (١٣/ ١٩٩) وطبقات الحنابلة (١/ ٣٨١) ووفيات الأعيان (٥/ ٢٣١) والعبر (١/ ٣٣٥) وشذرات الذهب (١/ ٣٦٠).
(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٥/ ١٩٩ و٧/ ٦ و١١/ ٤٦٠) ومسلم في صحيحه (٧/ ١٨٤ - ١٨٥) وابن ماجه في سننه (٢/ ٦٣ - ٦٤) وأحمد في المسند (١/ ٣٧٨ و٤١٧ و٤٣٤ و٤٣٨ و٤٤٢) وابن حبان في صحيحه (٩/ ١٧٧) برقم (٧١٨٣) والطيالسي في مسنده برقم (٢٩٩) والخطيب في تاريخه (١٢/ ٥٣) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بلفظ: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ... » الحديث.
(٢) وهو كتاب قوت القلوب وفيه من المخالفات الشيء الكثير.
(٣) وهي الرسالة القشيرية وقد رد عليه المصنف رحمه الله تعالى في كتابه: الاستقامة.

<<  <   >  >>