للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبما وجده في كتب أصحاب الشافعي ونحو ذلك فخيار ما يأتي به ما يأخذ من هؤلاء وهؤلاء.

ومعلوم أن طريقة أئمة الصوفية وأئمة الفقهاء أكمل من طريقة أبي القاسم القشيري ومن طريقة أبي طالب والحارث ومن طريقة أبي المعالي وأمثاله، وأولئك الأئمة كانوا أعلم بطريقة الصحابة وأتبع لها من أتباعهم، فالقاضي أبو بكر الباقلاني وأمثاله أعلم بالأصول والسنة وأتبع لها من أبي المعالي وأمثاله، والأشعري والقلانسي ونحوهما أعلى طبقة في ذلك من القاضي أبي بكر وعبد الله بن سعيد بن كلاب، والحارث المحاسبي أعلى طبقة في ذلك من هؤلاء، ومالك والأوزاعي وحماد بن زيد والليث بن سعد وأمثالهم أعلى طبقة من هؤلاء، والتابعون أعلى من هؤلاء، والصحابة أعلى من التابعين.

وكذلك أبو طالب المكي يأخذ عن شيخه ابن سالم، وابن سالم يأخذ عن سهل بن عبد الله التستري، وسهل أعلى درجة عند الناس من أبي طالب ثم الفضل وأبو سليمان وأمثالهما أعلى درجة من سهل وأمثاله، وأيوب السختياني وعبد الله بن عون ويونس بن عبيد وغيرهم من أصحاب الحسن أعلى طبقة من هؤلاء، وأويس القرني وعامر بن عبد قيس وأبو مسلم الخولاني وأمثالهم أعلى طبقة من هؤلاء، وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي وأبو الدرداء وأمثالهم أعلى طبقة من هؤلاء.

ومعلوم أن كل من سلك إلى الله جل وعز علما وعملا بطريق ليست مشروعة موافقة للكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأئمة وأئمتها فلا بد أن يقع في بدعة قولية أو عملية، فإن السائر إذا سار على غير الطريق المهيأ فلا بد أن يسلك بينات الطرق وإن كان ما يفعله الرجل من ذلك قد يكون مجتهدا فيه مخطئا مغفورا له خطؤه، وقد يكون ذنبا، وقد يكون فسقا، وقد يكون كفرا، بخلاف الطريقة المشروعة في العلم والعمل فإنها أقوم الطرق ليس فيها عوج كما قال تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ «١».

وقال عبد الله بن مسعود: خطّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطّا وخط خطوطا عن يمينه وشماله ثم قال: «هذا سبيل الله، وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم


(١) سورة الإسراء، الآية: ٩.

<<  <   >  >>