قال: وأما مذهب المتصوفة فلست أدري على من عوّل فيها ولا من ينتسب إليه في علمها، قال: وعندي إنه على أبي حيان التوحيدي الصوفي عوّل في مذاهب الصوفية.
وقد علمت أن أبا حيان هذا ألف ديوانا عظيما في هذا الفن، ولم يصل إلينا منه شيء.
ثم ذكر أن في الإحياء فتاوى مبناها على ما لا حقيقة له مثل ما استحسن في قص الأظافر أن يبدأ بالسبابة لأن لها الفضل على بقية الأصابع لكونها المسبحة ثم بالوسطى لأنها ناحية اليمين ثم باليسرى على هيئة دائرة وكن الأصابع عنده دائرة فإذا أراد أصابعه مر عليها مرور الدائرة ثم يختم بإبهام اليمنى هكذا حدثني به من أثق به عن الكتاب.
قال: فانظر إلى هذا كيف أفاد قراءة الهندسة وعلم الدوائر وأحكامها أن نقله إلى الشرع فأفتى به المسلمين.
قال: وحمل إلى بعض الأصحاب من هذا الإملاء الجزء الأول فوجدته يذكر فيه أن من مات بعد بلوغه ولم يعلم أن الباري قديم مات مسلما إجماعا، ومن تساهل في حكاية الإجماع في مثل هذا الذي الأقرب أن يكون فيه الإجماع بعكس ما قال فحقيق أن لا يوثق بكل ما ينقل وأن يظن به التساهل في رواية ما لم يثبت عنده صحته.
قال: ثم تكلم المازري في محاسن الإحياء ومذامه ومنافعه ومضاره بكلام طويل ختمه بأن من لم يكن عنده من البسطة في العلم ما يعتصم به من غوائل هذا الكتاب فإن قراءته لا تجوز له، وإن كان فيه ما ينتفع به، ومن كان عنده من العلم ما يأمن على نفسه من غوائل هذا الكتاب ويعلم ما فيه من الرموز فيجتنب مقتضى ظواهرها ويكل أمر مؤلفها إلى الله تعالى، وإن كان كلها تقبل التأويل فقراءته له سائغة به، اللهم إلا أن يكون قارئه ممن يقتدى به ويغتر به فإنه ينهى عن قراءته وعن مدحه والثناء عليه.
قال: ولولا أن علمنا أن إملاءنا هذا إنما يقرؤه الخاصة ومن عنده علم يأمن به على نفسه لم نتبع محاسن هذا الكتاب الثناء ولم نتعرض لذكرها ولكنّا نحن أمنّا من التغرير، ولئلا يظن أيضا من يتعصب للرجل أنا جانبنا الإنصاف في الكلام على كتابه ويكون اعتقاده هذا فينا سببا لئلا يقبل نصيحتنا.