للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا دليل على أن صوت الله لا يشبه أصوات الخلق، لأن صوت الله يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، وأن الملائكة يصعقون من صوته «١» فإذا ينادي الملائكة لم يصعقوا قال تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً «٢» فليس لصفة الله ند ولا مثل، ولا يوجد شيء من صفاته في المخلوقين.

ثم روى بإسناده حديث عبد الله بن أنيس قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول:

«يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، أنا الملك الديان، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وواحد من أهل النار يطلبه بمظلمة» «٣» وذكر الحديث الذي رواه أيضا في صحيحه في هذا المعنى في قوله:

حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ «٤» عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله يوم القيامة يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار، قال: يا رب ما بعث النار؟ قال من كل ألف- أراه قال:- تسعمائة وتسعة وتسعون، فحينئذ تضع الحامل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد» «٥».

وذكر البخاري حديث ابن مسعود الذي استشهد به أحمد وذكر الحديث الذي


- رضي الله عنه أنه سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «يحشر الله العباد- أو الناس- عراة غرلا بهما» قلت: ما بهما؟ قال: «ليس معهم شيء، فيناديهم بصوت يسمعه من بعد- أحسبه قال: كما يسمعه من قرب: أنا الملك، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة يدخل الجنة، وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة، ولا ينبغي لأحد من أهل النار يدخل النار، وأحد من أهل الجنة يطلبه بمظلمة» قلت: وكيف؟ وإنما نأتي الله عراة بهما؟ قال: «بالحسنات والسيئات».
والحديث حسنه العلامة الألباني في تخريجه للأدب المفرد (ص ٣٤٩).
(١) كما ثبت ذلك في صحيح البخاري بالأرقام (٤٧٠١ و٤٨٠٠ و٧٤٨١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كالسلسلة على صفوان فإذا فزع من قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق وهو العلي الكبير».
وكما تقدم أيضا من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي ذكرناه قبل قليل.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٢.
(٣) تقدم تخريجه قبل قليل.
(٤) سورة سبأ، الآية: ٢٣.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه بالأرقام (٣٣٤٨ و٤٧٤١ و٦٥٣٠ و٧٤٨٣) ومسلم في صحيحه برقم (٢٢٢) (٣٨٠) وأحمد في المسند برقم (١١٢٨٤) والنسائي في سننه الكبرى برقم (١١٣٣٩) وعبد بن حميد في المنتخب برقم (٩١٧) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

<<  <   >  >>