للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له فعل فهو ميت، وأن أفعال العباد مخلوقة فضيق عليه حتى مضى لسبيله، وتوجع أهل العلم لما نزل به.

قال البخاري: وفي اتفاق المسلمين دليل على أن نعيما ومن نحا نحوه ليس بمارق ولا مبتدع.

وقال أبو عبد الله بن حامد في كتابه في أصول الدين: ومما يجب الإيمان به التصديق بأن الله متكلم، وأن كلامه قديم، وأنه لم يزل متكلما في كل أوقاته موصوفا بذلك، وكلامه قديم غير محدث كالعلم والقدرة، قال: وقد علم أن المذهب أن كون الكلام صفة ومتكلما به ولم يزل موصوفا بذلك ومتكلما إذا شاء وبما شاء، ولا نقول إنه ساكت في حال ومتكلم في حال من حيث حدوث الكلام. قال: ولا خلاف عن أبي عبد الله- يعني أحمد بن حنبل- أن الله لم يزل متكلما قبل أن يخلق الخلق وقبل كل الكائنات وأن الله كان فيما لم يزل متكلما كيف شاء وكما شاء، إذا شاء أنزل كلامه وإذا شاء لم ينزله، فقد ذكر ابن حامد أنه لا خلاف في مذهب أحمد أنه سبحانه لم يزل متكلما كيف شاء وكما شاء. ثم ذكر قولين هل هو متكلم دائما بمشيئته أو أنه لم يزل موصوفا بذلك متكلما إذا شاء، وساكتا إذا شاء لا بمعنى أنه يتكلم بعد أن لم يزل ساكتا فيكون كلامه حادثا كما يقول الكرامية فإن قول الكرامية في الكلام لم يقل به أحد من أصحاب أحمد؛ وكذلك ذكر القولين أبو بكر عبد العزيز في أول كتابه الكبير المسمى بالمقنع.

وقد ذكر ذلك عنه القاضي أبو يعلى في كتاب إيضاح البيان في مسألة القرآن. قال أبو بكر: لما سألوه إنكم إذا قلتم لم يزل متكلما كان ذلك عبثا فقال: لأصحابنا قولان أحدهما أنه لم يزل متكلما كالعلم لأن ضد الكلام الخرس كما أن ضد العلم الجهل قال: ومن أصحابنا من قال: أثبت لنفسه أنه خالق، ولم يجز أن يكون خالقا في كل حال بل قلنا إنه خالق في وقت إرادته أن يخلق، وإن لم يكن خالقا في كل حال ولم يبطل أن يكون خالقا كذلك، وإن لم يكن متكلما في كل حال لم يبطل أن يكون متكلما بل هو متكلم خالق وإن لم يكن خالقا في كل حال ولا متكلما في كل حال.

قال القاضي أبو يعلى في هذا الكتاب: نقول أنه لم يزل متكلما وليس بمتكلم، ولا مخاطب ولا آمر ولا ناه، نص عليه أحمد في رواية حنبل فقال: لم يزل الله متكلما عالما غفورا قال: وقال في رواية عبد الله: لم يزل متكلما إذا شاء، وقال حنبل في موضع آخر: سمعت أبا عبد الله يقول: لم يزل الله متكلما والقرآن كلام الله غير مخلوق.

<<  <   >  >>