للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: أحمد أخبر بدوام كلامه سبحانه ولم يخبر بدوام تكلمه بالقرآن بل قال: والقرآن كلام الله غير مخلوق.

قال القاضي: قال أحمد في الجزء الذي رد فيه على الجهمية والزنادقة:

وكذلك الله يتكلم كيف شاء من غير أن نقول من جوف ولا فم ولا شفتين، قال بعد ذلك: بل نقول إن الله لم يزل متكلما إذا شاء ولا نقول إنه كان ولا يتكلم حتى خلق.

وقال أبو إسماعيل الأنصاري الملقب بشيخ الإسلام في مناقب الإمام أحمد لما ذكر كلامه في مسألة القرآن وترتيب حدوث البدع قال: وجاءت طائفة فقالت لا يتكلم بعد ما تكلم فيكون كلامه حادثا، قال: وهذه أغلوطة أخرى في الدين غير واحدة، فانتبه لها أبو بكر بن خزيمة «١» وكانت نيسابور دار الآثار تمد إليها وتشد إليها الركائب ويجلب منها العلم فابن خزيمة في بيت ومحمد بن إسحاق- يعني السراج «٢» - في بيت، وأبو حامد بن الشرقي في بيت، قال: فطار لتلك الفتنة الإمام أبو بكر فلم يزل يصيح بتشويهها، يصنف في ردها كأنه منذر جيش حتى دوّن في الدفاتر وتمكن في السرائر وتفسير في الكتاتيب ونقش في المحاريب:

أن الله متكلم إن شاء تكلم وإن شاء سكت، قال: فجزى الله ذلك الإمام وأولئك النفر على نصر دينه وتوقير نبيه خيرا.

قلت: لفظ السكوت يراد به السكوت عن شيء خاص، وهذا مما جاءت به


(١) هو الحافظ الحجة الفقيه شيخ الإسلام إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر أبو بكر السلمي النيسابوري الشافعي صاحب التصانيف الماتعة، ولد سنة ثلاث وعشرين ومائتين وعني في حداثته بالحديث والفقه، حتى صار يضرب به المثل في سعة العلم والاتقان، نصر مذهب السلف ودافع عنه ورد على أهل البدع والأهواء.
قال الحاكم رحمه الله: فضائل إمام الأئمة ابن خزيمة عندي مجموعة في أوراق كثيرة، ومصنفاته تزيد على مائة وأربعين كتابا سوى المسائل، والمسائل المصنفة أكثر من مائة جزء.
توفي سنة إحدى عشرة وثلاث مائة.
انظر ترجمته في السير (١٤/ ٣٦٥) والبداية والنهاية (١١/ ١٤٩) وطبقات الشافعية للسبكي (٣/ ١٠٩ - ١١٠) وطبقات الحفاظ (٣١٠ - ٣١١) وشذرات الذهب (٢/ ٢٦٢ - ٢٦٣).
(٢) هو الإمام الحافظ الثقة شيخ الإسلام محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران أبو العباس الثقفي مولاهم الخراساني النيسابوري محدث خراسان وصاحب المسند الكبير على الأبواب والتاريخ وغير ذلك، ولد سنة ست عشرة ومائتين وتوفي سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة بنيسابور.
انظر ترجمته في السير (١٤/ ٣٨٨) وتاريخ بغداد (١/ ٢٤٨ - ٢٥٢) وطبقات الشافعية (٣/ ١٠٨ - ١٠٩) والبداية والنهاية (١١/ ١٥٣).

<<  <   >  >>