للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حرف منه كالباء والتاء كله كلام الله غير مخلوق، ومن قال مخلوق فهو كافر عليه لعائن الله والملائكة والناس أجمعين.

قال أبو الحسن: وكان الشيخ أبو حامد شديد الإنكار على الباقلاني وأصحاب الكلام وقال: لم تزل أئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينتسبوا إلى الأشعري ويتبرءون مما بنى مذهبه عليه، وينهون أصحابهم وأحبابهم من الحوم حواليه على ما سمعت عدة من المشايخ والأئمة منهم الحافظ المؤتمن ابن أحمد الساجي يقولون: سمعنا جماعة من المشايخ الثقات قالوا: كان الشيخ أبو حامد بن طاهر الأسفرائيني إمام الأئمة الذي طبق الأرض علما وأصحابا إذا سعى إلى الجمعة من قطعية الكرخ إلى الجامع المنصور يدخل الرباط المعروف بالروزي المحاذي للجامع، يقبل على من حضر ويقول: اشهدوا عليّ بأن القرآن كلام الله غير مخلوق كما قال أحمد بن حنبل لا كما يقول الباقلاني، ويتكرر ذلك منه، فقيل له في ذلك فقال: حتى تنتشر في الناس وفي أهل البلاد ويشيع الخبر في أهل البلاد أني بريء مما هم عليه- يعني الأشعرية- وبرئ من مذهب أبي بكر الباقلاني، فإن جماعة من المتفقهة الغرباء يدخلون على الباقلاني خفية ويقرءون عليه فيعتنون بمذهبه فإذا رجعوا إلى بلادهم أظهروا بدعتهم لا محالة فيظن ظان أنهم مني تعلموه وأنا قلته، وأنا بريء من مذهب الباقلاني وعقيدته.

قال: وسمعت الفقيه الإمام أبا منصور سعد بن العجلي سمعت عدة من المشايخ والأئمة ببغداد أظن أبا إسحاق الشيرازي أحدهم قالوا: كان أبو بكر الباقلاني يخرج إلى الحمام مبرقعا خوفا من الشيخ أبي حامد الأسفرائيني «١» والكلام على ما وقع من إنكار أبي حامد وغيره من أئمة الإسلام على القاضي أبي بكر مع جلالة قدره وكثرة رده على أهل الإلحاد والبدع بسبب هذا الأصل الذي بنى عليه مذهبه طويل ولبسطه موضع آخر.

وإنما المقصود هنا التنبيه على بعض من أثبت هذا الأصل ولم يوافق على النفاة، والحارث المحاسبي قد ذكر القولين عن أهل السنة المثبتين الصفات والقدر فقال في كتاب «فهم القرآن» لما تكلم على ما لا يدخل فيه النسخ وما يدخل فيه النسخ، وما يظن أنه متعارض من الآيات وذكر عن أهل السنة في الإرادة والسمع


(١) تأمل كيف كان أهل البدع يهابون من أهل السنة، وقارن ذلك بزماننا هذا، فإلى الله المشتكى!

<<  <   >  >>